مساحة إعلانية

السبت، 10 ديسمبر 2016

ركـن المحـل الأستاذ فريحاوي كمال



نعني بالمحل في دراستنا لأركان العقد ،محل الإلتزام 
وهو ما يتعهد بتنفيذه  المدين ،وعادة ما يكون محل الالتزام في الآتي :
•         إعطاء شي ،كنقل ملكية الشيء من البائع إلى المشتري ، وعليه نقول محل التزام البائع في عقد البيع هو نقل الملكية للمشتري.
•         القيام بعمل ، كالتزام مقاول ببناء منزل ، وعليه نقول أن محل التزام المقاول في عقد المقاولة هو بناء المنزل .
•         الامتناع عن عمل، كالتزام التاجر بالامتناع عن مزاولة نفس التجارة في الجهة الكائن فيها متجر الغير ، وعليه نقول محل التزام البائع هو عدم المنافسة.
ومحل الإلتزام يختلف عن محل العقد الذي هو مجموع إلتزامات الطرفين ،وقد درج بعض شراح القانون المدني على القول بأن  محـل العقـــد : يقصد به العملية القانونية التي يراد تحقيقا من وراء العقد ، فمثلاً : في عقد البيع يكون محل العقد تملك سيارة أو منزل ، وفي عقد الإيجار يكون محل العقد استعمال المأجور وهكذا.ويشترط فيه شرطا واحدا و هو أن يكون مشروعا
شروط محل الإلتزام
  لمحل الالتزام عدة شروط وهي محل دراستنا وقد نص عليها المشرع الجزائري في المواد من 92 إلى 95 على النحو التالي :
أ‌) أن يكون موجوداً أو ممكناً.المادة 92
ب‌)أن يكون معيناً أو قابلاً للتعيين.المادة 94
ج) أن يكون قابلاً للتعامل فيه أي مشروعاً.المادة 93  
1-أن يكون المحل موجوداً أو ممكناً :
*-إذا كان محل الالتزام (إعطاء شيء) فيشترط فيه أن يكون موجوداً أو محقق الوجود وفقاً لما يقصده المتعاقدين ، لأن المتعاقدين قد يقصدا التعامل في شي موجود وقت التعاقد وقد يقصدا شي الوجود في المستقبل ،أما المحل الإحتمالي (أي ما يحتمل وجوده) به يقع العقد باطلا.
إذا كان المحل موجودا أثناء إبرام العقد ثم هلك بعد الإبرام ففيه تفصيل كالآتي :
1-إذا كان المحل من المثليات يبقى المدين ملزما بالتنفيذ لأن المثليات لا تهلك ،فينفذ المدين بمثل آخر من نفس النوع والمقدارو الجودة.
2-إذا كان المحل من القيميات (أي من الأشياء المعينة بالذات) ،في هذه الحالة نميز بين حالتين:
أ-إذا كان الهلاك بفعل قوة قاهرة ،ينفسخ العقد بقوة القانون (تبعة الهلاك نتعرف عليها لاحقا)
ب-إذا كان الهلاك بخطأ المدين ،ننتقل إلى التنفيذ عن طريق التعويض(نتعرف عليه لاحقا)
*-إذا كان محل الالتزام ( قيام بعمل أو الامتناع عن عمل) فيجب أن يكون ممكناً أي ليس مستحيلا في ذاته والإستحالة هنا هي الإستحالة المطلقة ،أما إذا إلتزم شخص بقيام بعمل ثم إتضح أنه مستحيل عليه هو فقط ،في حين يستطيع غيره القيام بهذا العمل فلا يعتبر العقد في هذه الحالة باطلا بل يتم التنفيذ على نفقة المدين بعد إستصدار إذن من المحكمة .
أما إذا كان المحل محقق الوجود ، أي إذا قصدا المتعاقدان وقت التعاقد شيْ محقق الوجود في المستقبل ، فأن ذلك جائز ولكن بشرط انتفاء الغرر أي القدرة على تسليم الشيء محل العقد ويكون انتفاء الغرر مقصور على عقود المعاوضات (كالبيع) أما عقود التبرع فلا يشترط انتفاء الغرر لأن المتبرع له لم يبذل شيئاً يخشى ضياعه من جراء الغرر .ومن أمثلة التعامل في الأشياء محققة الوجود في المستقبل  : بيع صاحب المصنع كمية معينة من منتجات مصنعه بموجب طلبية  .
إستثنى المشرع الجزائري من المحل المحقق الوقوع في المستقبل التعامل في تركة إنسان على قيد الحياة و لو برضاه ،أسوة بالمشرع المصري والمشرع الفرنسي.
حيث درج شراح القانون المدني على القول بأن التصرف في تركة إنسان على قيد الحياة باطل مثل التصرف الصادر من الوارث كأن يبيع إبن سيارة مملوكة لوالده على أساس انها من نصيبه في التركة ،أو يسلمها للمشتري بعد وفاة الوالد  ....ففي الحقيقة هذا التصرف باطل لكن ليس على أساس التصرف في تركة إنسان على قيد الحياة ،بل على أساس عدم مشروعية سبب العقد (نتعرف عليه لاحقا)
وعلة وجود هذا الإستثناء المنقول عن القانون المدني الفرنسي القديم ،هو أن القانون المدني الفرنسي إستقى هذا الحكم من القانون الروماني ،إذ كان القانون الروماني يجيز للشخص حال حياته أن يقسم ماله لأنصبة ويسمي لكل وارث نصيب ،لكنه لا يجوز لأي وارث أن يتصرف في ذلك النصيب ولو برضا الشخص .
كما أن عبارة (تركة إنسان على قيد الحياة)مجافية للمنطق ،إذ أن التركة لا تتحقق إلا بالوفاة.
2- أن يكون المحل معيناً أو قابلاً للتعيين :
كيفية تعيين المحل: يختلف باختلاف محل الالتزام على النحو التالي :
أ‌)         إذا كان الالتزام بإعطاء شي : كنقل حق عيني على شيء وجب أن يكون هذا الشيء معيّناً أو قابلاً  للتعيين ، وعليه إذا كان هذا الشيء من القيميات (أي من الأشياء المعينة بالذات) فيجب تعيينه بجميع خصائصة و صفاته و مميزاته بحيث يمكن التعرف عليه و لا يختلط مع غيره ، كالسيارة  فيجيب أن يعين طرازها و نوعها ، ولونها ، ومواصفاتها ،الخ.... وكالعقار لابد أن يعين مساحته ، وموقعه وحدوده هكذا .....أما إذا كان من المثليات (و المثليات هي التي يتشابه آحادها وتقاس بالكيل أو الوزن أو العد ،و يقوم بعضها مقام بعض في الوفاء) فيجب تعيين جنسه ونوعه على سبيل الوجوب و إلا كان العقد باطلا ،و يجب تعيين مقداره في العقد ،إلا أن العقد لا يبطل إذا لم يتم تحديد المقدار بشرط وجود ضابط أو مؤشر يمكن بواسطته معرفة المقدار ،و يجب تعيين الجودة (هل الشئ  من صنف أول أو صنف ثاني أو صنف ثالث) ،إذا لم يتم تعيين الجودة فلا يبطل العقد ،بل أنه عند التنفيذ إذا حدث خلاف بين الطرفين إلتزم المدين بأداء شيئ من الصنف المتوسط .
أي أن التعيين بالنوع و المقدار من المسائل الجوهرية ،و التعيين بالجودة من المسائل التفصيلية .
ب‌)       إذا كان المحل في الالتزام بعمل أو الامتناع عن عمل : إذا كان محل الالتزام القيام بعمل
( كتعهد مقاول ببناء منزل وجب تحديد البناء ومساحته ووصفه ،وطريقة البناء و مدة الإنجاز ) أما إذا كان الالتزام بالامتناع عن عمل (وجب تحديد طبيعته بدقة)
تعيين المحل إذا كان من النقود:
إذا كان محل الالتزام نقودا فيجب تحديد عددها  و لا يلتزم المدين إلا بالعدد المذكور في العقد ،أي أنه يلتزم بالقيمة الفعلية للنقود فلا تأثير لإرتفاع قيمة النقود أو إنخفاضها على الوفاء.
كما يتفرع عن هذه القاعدة عدم جواز شرط الذهب في المعاملات و العقود الداخلية (بإستثناء العقود الدولية) و شرط الذهب لا يفهم منه أن المدين يوفي بالذهب ،بل أن المدين يوفي بقيمة الشئ على أساس سعر الذهب بعد تقويمه بالذهب أثناء الإبرام
3-      أن يكون المحل قابلاً للتعامل فيه :
ويندرج تحت شرط القابلية للتعامل فيه ،أن يكون مشروعا ،غير مخالف للنظام العام أو الأداب العامة بطبيعيته أو بنص القانون. وكذلك يجب أن يكون محل الإلتزام متقوم وعليه إذا كان محل الإلتزام خنزيرا ،أو قردا ،أو كلبا ليس للصيد أو للرعي بطل العقد (وشرط :أن يكون المحل متقوم من شروط الفقه الإسلامي و ليس القانون المدني ،إلا أنه بالرجوع للمادة 01 من القانون المدني يجب الأخذ به )
ثانيا/الشروط الخاصة:
1-يجب أن يكون محل الإلتزام معلوما ( لا يجب الخلط بين تعيين المحل و العلم به)
يدرس هذا الشرط تحت عنوان نظرية العلم الكافي في المبيع في عقد البيع  ،وتحت الإلتزام بالإعلام في ما عداه(تفصيل ذلك مستقبلا ،في مستويات أخرى )
2-إذا كان محل الإلتزام منتوجا يجب أن يكون آمنا(يستجيب لمستوى السلامة و الآمان )وهذا ما نص عليه قانون حماية المستهلك 09/03 والمراسيم التطبيقيه له خاصة المرسوم التنفيذي12/203 في 06 ماي 2012 المتعلق بالقواعد المطبقة في مجال أمن المنتوجات.
3-إذا كان محل الإلتزام منتوجا يجب أن يكون موسوما (والوسم طريقة من طرق إعلام المستهلك أي المتعاقد بمميزات المنتوج و أوصافه الأساسية و خصائصه)
4-إذا كان محل الإلتزام منتوجا وخاضع لإلزامية المطابقة الإجبارية ،فيجب أن يكون مطابق للمواصفات القياسية أو اللوائح الفنية .
*****ملاحظة:تفصيل الشروط الخاصة تتعرفون عليها في مستويات لاحقة.




قرار المحكمة العليا في الوعد بالبيع إستحال تنفيذه


المحكمة العليا /الغرفة المدنية
رقم القرار
258113
تاريخ القرار
30/01/2002 
قضية
(ش-ع) ضد (م- د)
موضوع القرار
وعد بالبيع – التصرف في العقار الموعود به – إستحالة التنفيذ عينا – الرجوع على الواعد بالتعويض .
المبدأ : إذا تصرف الواعد في العقار الموعود به وانتقال ملكيته إلى الغير عن طريق شهر هذا التصرف في المحافظة العقارية لا يبقى للموعود له سوى دعوى الرجوع على الواعد بالتعويض استنادا لأحكام المادة 176 من القانون المدني
                         

القــــــــــرار

بين : (ش-ع) ، الساكن بحي جيني سيدار عمارة "أ" رقم 19 وادي القبة ولاية عنابة ، مدعي في الطعن بالنقض والوكيل عنه الأستاذ شنتوف عبد الرزاق المحامي المقبول لدى المحكمة العليا والكائن مقره بـ 12 شارع علي بومنجل ولاية الجزائر .
                                                                                                                                                  من جهة

وبين : (م- د- إ-ع) لولاية عنابة ، الكائن مقره بـ 05 ساحة الثورة الطابق الثاني ولاية عنابة ، مدعى عليه في الطعن بالنقض والوكيل عنه الأستاذ محمد العربي المحامي المقبول لدى المحكمة العليا والكائن مقره بـ 81 ، ساحة طارق بن زياد ولاية عنابة .
                                                                                                                                     من جهة أخرى
-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------
المحكمة العليـا

في جلستها العلنية المنعقدة بها بشارع 11 ديسمبر 1960 ببن عكنون الأبيار ولاية الجزائر .

بعد المداولة القانونية أصدرت القرار الآتي نصه :

وبناء على المواد (231 – 233- 235 – 239 – 244 – 257 ) ومايليها   من قانون الإجراءات المدنية .

بعد الإطلاع على مجموعة أوراق ملف الدعوى وعلى عريضة الطعن بالنقض المودعة يوم 26 جويلية 2000 وعلى مذكرة الرد التي تقدم بها محامي المطعون ضده .

وبعد الإستماع   إلى السيد زودة عمر المستشار المقرر في تلاوة تقريره المكتوب وإلى السيد   لعمارة محمد الطاهر المحامي العام في تقديم طلباته المكتوبة .

حيث أن الطاعن يرمي لنقض القرار الصادر بتاريخ 05/03/2000 رقم الفهرس 283 / 2000عن مجلس قضاء عنابة القاضي بإلغاء الحكم المعاد والقضاء من جديد بعدم قبول الدعوى لسبق الفصل فيها .

في الشكــل :
    
حيث أن الطعن بالنقض قد إستوفى أوضاعه الشكلية فهو صحيح.

وفي الموضوع :

حيث تتلخص وقائع القضية ، أن المطعون ضده أبرم عقدا يتضمن وعدا بالبيع محرر بواسطة الموثق بتاريخ 11/04/1992 يلتزم فيه ببيع قطعة أرض إلى الطاعن الموجودة بالمنطقة الصناعية مبوجة لبلدية الحجار والتي تبلغ مساحتها 20.000   م م   تحمل رقم 44 من مخطط المنطقة الصناعية .

امتنع المطعون عليه عن إتمام عملية البيع ، وتبعا لذلك رفع عليه الطاعن دعوى يطلب فيها إلزامه بإتمام عملية البيع ، التي انتهت تلك الدعوى إلى صدور حكم يقضي برفضها .

وفي الإستئناف أصدر المجلس قرارا بتاريخ 28/09/1996 قضى فيه بإلغاء الحكم المعاد ، والقضاء من جديد بإلزام المطعون ضده بإتمام البيع طبقا للوعد بالبيع المشار إليه أعلاه.

وقد امتنع المطعون ضده عن تنفيذ القرار المنوه إليه أعلاه ، طبقا لما هو ثابت من المحضر المحرر يوم 10/12/1996 ، استنادا إلى أن المطعون عليه قد تصرف في تلك القطعة بموجب عقد رسمي مشهر بالمحافظة العقارية ولم يعد يملكها .

وقد امتنع أيضا عن تنفيذ ذلك القرار رغم صدور عليه أمر يقضي بإلزامه بالتنفيذ بإتمام عملية البيع عن طريق الغرامة التهديدية بحسب ألف دينار عن كل يوم تأخير فبقي مصرا عن موقفه .

مما اضطر الطاعن إلى رفع دعوى جديدة والتي يطلب فيها بإصدار حكم يقوم مقام العقد ، وانتهت تلك الدعوى إلى صدور حكم مؤرخ في 27/02/1999 القاضي بقيام هذا الحكم مقام   عقد البيع للقطعة الأرضية التي كانت محل للوعد بالبيع المؤرخ في 11/04/1992 والأمر بتسجيله وإشهاره بالمحافظة العقارية.

وفي الإستئناف أصدر المجلس قرارابتاريخ 05/03/2000 يقضي بإلغاء الحكم الصادر في 27/02/1999 وهو القرار محل الطعن بالنقض .

وحيث أن الطعن بالنقض يستند إلى وجهين :

الوجه الأول : " المأخوذ من مخالفة   قاعدة   جوهرية في الإجراءات "

حيث ينعى الطاعن على القرار المطعون فيه بدعوى أنه تحصل على قرار يقضي بإلزام المطعون عليه بإتمام عملية البيع لعقد الوعد بالبيع المنوه إليه أعلاه ، وقد امتنع المطعون ضده عن تنفيذ هذا القرار الذي أصبح يحوز على قوة الأمر المقضي به ، مما يجعل القرار المطعون فيه باطلا .

غير أن ما ينعيه الطاعن على القرار المطعون فيه في غير محله ، ذلك أن قضاة الموضوع قد انتهوا إلى إلغاء الحكم المعاد وقضوا من جديد بعدم قبول الدعوى استنادا إلى أن   موضوع   النزاع قد سبق الفصل فيه بإلزام المطعون عليه بإتمام البيع ، وقد امتنع عن تنفيذ إلتزامه عينا ، لأنه قد تصرف في الشيئ الموعود به وانتقلت ملكيته إلى الغير ولم يعد يملك هذه القطعة وتبعا لذلك لا يوجد أي خرق لقاعدة جوهرية في الإجراءات ، مما يتعين معه التصريح برفض هذا الوجه .

الوجه الثاني : " المأخوذ من مخالفة القانون   "    
      
حيث ينعى الطاعن على القرار المطعون فيه بدعوى أنه تمسك بالقرار الصادر بتاريخ 28/09/1996 والذي يقوم مقام عقد البيع ، فإن المطعون عليه قد قام ببيعه لقطعة من القطع التي أصبحت ملكا للطاعن ، مما يعد ذلك مخالفة لأحكام المادة 397 من القانون المدني ، مما يعرض القرار المطعون فيه للنقض.

وحيث أن ما ينعيه الطاعن ليس في محله ، ذلك أن الذي يربط بين الطرفين هو عقد يتضمن وعدا بالبيع.

وقد صدر قرار من المجلس يقضي بإلزام المطعون عليه بإتمام البيع ، غير أن هذا الأخير قد امتنع عن تنفيذ إلتزامه بتحرير العقد النهائي .

أن الوعد بالبيع ينشئ في ذمة الواعد إلتزاما شخصيا بتحرير عقد البيع النهائي ، ونقل ملكية العقار إلى الموعود له.

وحيث أن الملكية في العقار لا تنتقل سواء فيما بين المتعاقدين أو الغير إلا بواسطة الشهر في المحافظة العقارية، وتبعا لذلك يبقى البائع مالكا للعقار محل الوعد بالبيع، فإذا تصرف فيه إلى الغير وتم شهر عقد البيع بالمحافظة العقارية ، انتقلت الملكية إلى المتصرف إليه ، ولا يعتبر المطعون عليه ، وقد تصرف في ملك الغير بل تصرف فيما يملك.

غير أنه وفي هذه الحالة ، يحق للموعود أن يطالب الواعد بتنفيذ إلتزامه عينا بنقل ملكية العقار الموعود به وإلا عد مخلا بالتزامه الشخصي.

لكن الواعد وهو المطعون عليه ، قد تصرف في العقار الموعود به ، وانتقلت ملكيته إلى الغير عن طريق شهر هذا التصرف في المحافظة العقارية ومن ثمة يصبح الواعد في استحالة مطلقة في تنفيذ إلتزامه عينا فلا يبقى للموعود له ، أي الطاعن سوى دعوى الرجوع   على الطاعن بتعويض وفق أحكام المادة 176 من القانون المدني ، نظرا لاستحالة تنفيذ الإلتزام عينا وبالتالي فلا توجد أية مخالفة للقانون ، مما يتعين معه التصريح برفض هذا الوجه .

لهذه الأسبــاب :
    
قضت المحكمة العليـا

بصحة الطعن شكلا ، ورفضه موضوعا .

والحكم على الطاعن بالمصارف القضائية.

بذا صدر القرار ووقع التصريح به في الجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ الثلاثين من شهر جانفي سنة ألفين واثنين ميلادية من قبل المحكمة العليا الغرفة المدنية القسم الأول المتركبة من السادة :

مقراني حمادي                  الرئيس
زودة عمر                       المستشار المقرر
مكناسي بلحرثي                 المستشار
زيتوني محمد                    المستشار
زبيري فضيلة                   المستشارة

بحضور السيد
لعمارة محمد الطاهر             المحامي العام

وبمساعدة السيد  
كمال حفصة                      أمين الضبط


الرئيس          المستشار المقرر         أمين الضبط   


الوعد بالتعاقد ........الدكتور فريحاوي كمال

المادة 71 من القانون المدني (الإتفاق الذي يعد له كل المتعاقدين أوأحدهما بإبرام عقد معين في المستقبل لا يكون له أثر إلا إذا عيّنت جميع المسائل الجوهرية للعقد المراد إبرامه والمدة التي يجب إبرامه فيها.
وإذا إشترط القانون لتمام العقد إستيفاء شكل معين فهذا الشكل يطبق أيضا على الإتفاق المتضمن الوعد بالتعاقد )
تعريفه:  هو عقد ينشأ بين طرفين (الواعد و الموعود له ) لإبرام عقد معين في المستقبل ،إذا رغب الوعود له في ذلك خلال مدة يتفقان عليها في عقد الوعد .
الوعد بالتعاقد ينصب على جميع العقود التي تقبل طبيعتها الوعد مثل الوعد بالإيجار و الوعد بالعارية ،لكن صورته الغالبة في الحياة اليومية هي الوعد بالبيع ،كما يمكن أن يكون الوعد بالتعاقد في مجال المعاملات المدنية كما يكون في مجال المعاملات التجارية.
خصائص الوعد بالتعاقد :
1-عقد ملزم لجانب واحد أي الواعد ،فيستطيع الموعود له الرجوع عن إبرام العقد دون أن تكون هناك مسوؤلية مدنية على عاتقه
2- لا يرتب حقا عينيا –في حالة الوعد بالبيع- فيبقى الواعد مالكا للشئ الموعود به ،فالحق الذي يرتبه الوعد هو حقا شخصيا للموعود له أي إلتزام شخصي في ذمة الواعد ،و يترتب على هذا أن الوعد ما دام يرتب حقا شخصيا فهو لا يشهر ،لكن المشرع الجزائري إبتداء من سنة 2004 فقد نص في المادة 10 من  قانون المالية لسنة 2004 أن الوعد بالبيع يخضع للشهر.
3-محل الإلتزام: هو القيام بعمل أي  بإنشاء تصرف قانوني في المستقبل
شروط الوعد بالتعاقد:
الوعد بالتعاقد طبيعته القانونية عقد ،لذلك يجب أن يتوافر على أركان العقد و هي
1-التراضي (يكون التعبير عن الإرادة بصيغة الوعد و ليس بالألفاظ الدالة على العقد المراد إبرامه في المستقبل. ويجب أن تتوافر في الواعد أهلية التصرف أي أهلية الأداء وقت إبرام عقد الوعد ،أما الموعود له فيكفي فيه أن يكون مميزا وقت إبرام عقد الوعد أما عند إبرام العقد المستقبلي فيجب أن تتوافر فيه هو الآخر أهلية )
2-المحل (وهو نفس محل العقد المراد إبرامه في المستقبل ،فيجب تعيينه بدقة في عقد الوعد فإذا كنا بصدد وعقد ببيع عقار يجب تعيين العقار و تحديد الثمن في عقد الوعد بالبيع)
3-السبب( يجب أن يكون مشروعا)
4-الشكل :يجب أن يتوافر عقد الوعد على الشكل الذي يجب أن يتوافر في العقد لمراد إبرامه في المستقبل ،فإذا كان العقد المراد إبرامه في المستقبل بيع عقار وحيث أن بيع العقار يجب أن يكون بموجب عقد رسمي و إلا كان باطلا،فكذلك الوعد ببيع العقار يجب أن يكون رسميا و إلا كان باطلا .أما إذا كان العقد المستقبلي تكفي فيه الرضائية فإن الوعد به يكون رضائي هو كذلك مثل بيع بضائع .
5-المدة :يجب الإتفاق على المدة التي يبدي خلالها الموعود له رغبته في إبرام العقد،المدة يجب أن تكون صريحة ،لكن المحكمة العليا ذهبت إلى أن 
 تحديد المدة في عقد الوعد يكون  بصفة صريحة كما قد يكون ضمنيا  وهذا لا يؤثر على قيام الوعد إذا كان بالإمكان استخلاص المدة من ظروف الحال، كما قد يكون بحصول أمر معين يستخلص منه نية المتعاقدين باعتباره المدة المتفق عليها(قرار المحكمة العليا في الملف رقم 247607 في 23/05/2001 مجلة المحكمة العليا  عدد 02 سنة 2004 ص119 ) إلا أن هذا الإتجاه القضائي شاذ فهو لا يميز بين المدة وظرف الزمان فالمدة يجب أن تحدد صراحة كما في عقد الوعد وعقد التوريد وغيرها من االعقود الزمنية وهي مسألة جوهرية ،أما ظرف الزمان فهو مسألة موضوعية تستخلصه المحكمة من العرف أومن ظروف الحال وطبيعة المعاملة مثل الإيجاب المرسل لغائب دون تحديد أجل للقبول فهنا يوجد ظرف زمان ويسمى أحيانا بالأجل الضمني الذي يبدي خلاله من وجه له الإيجاب قبوله فالأجل الذي يعلن خلاله القبول يبقى ظرف زمان تستخلصه المحكمة من العرف ومن ظروف الحال وطبيعة المعاملة .

أثار الوعد بالتعاقد
المادة 72 مدني( إذا وعد شخص بإبرام عقد ثم نكل و قاضاه المتعاقد الآخر طالبا تنفيذ الوعد وكانت الشروط اللازمة لتمام العقد وخاصة ما يتعلق منها بالشكل متوافرة قام الحكم مقام العقد )
1-قبل إبداء الرغبة من الموعود له:  فالموعود له يستطيع أن يتحلل من الوعد خلال المدة المتفق عليها ،كما أن الواعد لا تترتب في ذمته إلتزامات العقد المستقبلي ،فالإلتزام الذي يقع على عاتق الواعد هو إلتزامه بالوعد ،أي يقوم بإبرام العقد المستقبلي متى رغب الموعود له بذلك خلال المدة المتفق عليها ،و يترتب على ذلك أنه إذا كنا بصدد عقد بيع فإن الواعد يبقى مالكا لمحل الوعد وله أن يتصرف فيه لشخص آخر بالبيع مثلا لكن التصرف بالبيع بعد الوعد هل يحتج به على الموعود له ؟هذا السؤال فيه تفصيل نتطرق له في أثار الوعد بعد إبداء الرغبة في إبرام العقد من الموعود له ..كما أن تبعة الهلاك في هذه الفترة تقع على الواعد .
2-بعد إبداء الرغبة من الموعود له في إبرام العقد :
إذا أبدى الموعود له رغبته في التعاقد ووفّى الواعد بذلك أي لم يتراجع فلا يكون هناك إشكال ،أمّا إذا أبدى الموعود له رغبته في إبرام العقد لكن الواعد نكل وتراجع فإن الموعود له يقوم برفع دعوى صحة و نفاذ التعاقد ( صحة و نفاذ التصرف المراد إبرامه و ليس الوعد) ،و يشترط فيها ما يلي:
أ- أن يكون الموعود له قد أعلن للواعد رغبته في إبرام العقد  خلال المدة المتفق عليها ويرفق محضر إعلان الرغبة الذي يحرر من طرف محضر قضائي في ملف الدعوى
2-يرفق عقد الوعد بملف الدعوى ويجب أن يكون عقد الوعد مستوفيا للشكل المتطلب في العقد المراد إبرامه
3-إذا كان عقد الوعد مشهر مثل الوعد ببيع عقار يجب أن تشهر العريضة الإفتتاحية تحت طائلة رفض الدعوى شكلا
4-يجب أن ترفـع الدعوى بعد مضي مدة إبداء الرغبة ،لأن خلال مدة إبــداء الرغبة فإن الواعد لم يخل بإلتزامــــــــه بعد ،فيتحقق الإخلال بالإلتزام بعد مضي المدة.
4-يطالب الموعود له في عريضة دعواه من المحكمة القول بصحة و نفاذ العقد المراد إبرامه والقضاء بتنفيذ الإلتزامات على وجه التقابل و التبادل بين الطرفين
4-منطوق حكم المحكمة يكون بالصيغة و الشكل التالي:
الملاحظ في العديد من الأحكام القضائية في دعوى إستصدار حكم يقوم مقام العقد ومثاله وعد بالبيع يكون بالصيغة الآتية :(إلزام الواعد بإتمام إجراءات البيع)،حيث أن هذه الصيغة لا تحقق الغاية من النص وهو قيام الحكم مقام العقد ،فعند تنفيذ الحكم بهذه الصيغة فالواعد يرفض إتمام إجراءات البيع ولا يمكن التنفيذ جبرا ،وكل ما يتحصل عليه الموعود له هو محضر عدم التنفيذ .
لذلك فإنه على القاضي في منطوق الحكم أن يحكم بإلزام الطرفين بالإلتزامات التي يتضمنها العقد المراد إبرامه ،وإلزام الطرفين يكون على وجه التبادل ،والصيغة المثلى لمنطوق الحكم كالتالي:
أ-في المحل الذي لا يتطلب الشهر مثلا الوعد ببيع محصول برتقال مقداره100 طن بمبلغ مليون دينار جزائري ( بعد عبارة رأس المنطوق المتعلقة بالشكل .
في الموضوع :-القول بصحة و نفاذ عقد البيع بين المشتري(ذكر هويته) و البائع (ذكر هويته)
-إلزام البائع بتسليم المحصول المقدر ب100 طن برتقال للمشتري وبالمقابل إلزام المشتري بدفع الثمن المقدر بمبلغ مليون سنتيم
نلاحظ أن هذا الحكم بهذا المنطوق قد قام مقام عقد البيع المراد إبرامه ،فعند تنفيذ الحكم فكأننا نقوم بتنفيذ العقد.
ب-في المحل الذي يتطلب الشهر و خاصة الوعد ببيع العقار
مثال وعد بيع سكن (معين ومحدد) بمبلغ 3 مليون دينار(بعد عبارة رأس المنطوق المتعلقة بالشكل
-في الموضوع: القول بصحة ونفاذ عقد البيع بين المشتري(هويته) والبائع (هويته)
  -إلزام البائع بتسليم السكن (تعيينه)للمشتري وإلزامه بالضمانات المقررة قانونا في عقد البيع مثل ضمان التعرض و ضمان الإستحقاق و ضمان العيب الخفي .وبالمقابل إلزام المشتري بدفع الثمن المقدر ب3 مليون ديتار جزائري
-الأمـــــــر بشهر الحكم و نقل ملكية السكن إلى المشتري .
نلاحظ كذلك أن الحكم بهذا المنطوق يقوم مقام العقد ،فعند تنفيذ الحكم و كأننا ننفذ عقد البيع .


جميع الحقوق محفوظة لــ: الكشاف في العلوم القانونية و القضائية 2016 © تصميم : كن مدون