نعني بالمحل في
دراستنا لأركان العقد ،محل الإلتزام
وهو ما يتعهد بتنفيذه المدين ،وعادة
ما يكون محل الالتزام في الآتي :
• إعطاء شي ،كنقل ملكية الشيء
من البائع إلى المشتري ، وعليه نقول محل التزام البائع في عقد البيع هو نقل الملكية
للمشتري.
• القيام بعمل ، كالتزام مقاول
ببناء منزل ، وعليه نقول أن محل التزام المقاول في عقد المقاولة هو بناء المنزل .
• الامتناع عن عمل، كالتزام التاجر بالامتناع
عن مزاولة نفس التجارة في الجهة الكائن فيها متجر الغير ، وعليه نقول محل التزام البائع
هو عدم المنافسة.
ومحل الإلتزام
يختلف عن محل العقد الذي هو مجموع إلتزامات الطرفين ،وقد درج بعض شراح القانون
المدني على القول بأن محـل العقـــد
: يقصد به العملية القانونية التي يراد تحقيقا من وراء العقد ، فمثلاً : في عقد البيع
يكون محل العقد تملك سيارة أو منزل ، وفي عقد الإيجار يكون محل العقد استعمال المأجور
وهكذا.ويشترط فيه شرطا واحدا و هو أن يكون مشروعا
شروط محل الإلتزام
لمحل الالتزام
عدة شروط وهي محل دراستنا وقد نص عليها المشرع الجزائري في المواد من 92 إلى 95 على
النحو التالي :
أ) أن يكون موجوداً أو ممكناً.المادة 92
ب)أن يكون معيناً أو قابلاً للتعيين.المادة 94
ج) أن يكون قابلاً للتعامل فيه أي مشروعاً.المادة 93
1-أن يكون المحل
موجوداً أو ممكناً :
*-إذا كان محل الالتزام (إعطاء شيء) فيشترط فيه
أن يكون موجوداً أو محقق الوجود وفقاً لما يقصده المتعاقدين ، لأن المتعاقدين قد يقصدا
التعامل في شي موجود وقت التعاقد وقد يقصدا شي الوجود في المستقبل ،أما المحل الإحتمالي (أي ما
يحتمل وجوده) به يقع العقد باطلا.
إذا كان المحل
موجودا أثناء إبرام العقد ثم هلك بعد الإبرام ففيه تفصيل كالآتي :
1-إذا كان المحل
من المثليات يبقى المدين ملزما بالتنفيذ لأن المثليات لا تهلك ،فينفذ المدين بمثل
آخر من نفس النوع والمقدارو الجودة.
2-إذا كان المحل
من القيميات (أي من الأشياء المعينة بالذات) ،في هذه الحالة نميز بين حالتين:
أ-إذا كان الهلاك
بفعل قوة قاهرة ،ينفسخ العقد بقوة القانون (تبعة الهلاك
نتعرف عليها لاحقا)
ب-إذا كان الهلاك
بخطأ المدين ،ننتقل إلى التنفيذ عن طريق التعويض(نتعرف
عليه لاحقا)
*-إذا كان محل الالتزام
( قيام بعمل أو الامتناع عن عمل) فيجب أن يكون ممكناً أي ليس مستحيلا في ذاته
والإستحالة هنا هي الإستحالة المطلقة ،أما إذا إلتزم شخص بقيام بعمل ثم إتضح أنه
مستحيل عليه هو فقط ،في حين يستطيع غيره القيام بهذا العمل فلا يعتبر العقد في هذه
الحالة باطلا بل يتم التنفيذ على نفقة المدين بعد إستصدار إذن من المحكمة .
•أما إذا كان المحل
محقق الوجود ، أي إذا قصدا المتعاقدان وقت التعاقد شيْ محقق الوجود في المستقبل ، فأن
ذلك جائز ولكن بشرط انتفاء الغرر أي القدرة على تسليم الشيء محل العقد ويكون انتفاء
الغرر مقصور على عقود المعاوضات (كالبيع) أما عقود التبرع فلا يشترط انتفاء الغرر لأن
المتبرع له لم يبذل شيئاً يخشى ضياعه من جراء الغرر .ومن أمثلة التعامل في الأشياء
محققة الوجود في المستقبل : بيع صاحب المصنع
كمية معينة من منتجات مصنعه بموجب طلبية .
إستثنى المشرع الجزائري من المحل المحقق الوقوع في المستقبل التعامل في
تركة إنسان على قيد الحياة و لو برضاه ،أسوة بالمشرع المصري والمشرع الفرنسي.
حيث درج شراح القانون المدني على القول بأن التصرف في تركة إنسان على قيد
الحياة باطل مثل التصرف الصادر من الوارث كأن يبيع إبن سيارة مملوكة لوالده على أساس
انها من نصيبه في التركة ،أو يسلمها للمشتري بعد وفاة الوالد ....ففي الحقيقة هذا
التصرف باطل لكن ليس على أساس التصرف في تركة إنسان على قيد الحياة ،بل على أساس
عدم مشروعية سبب العقد (نتعرف عليه لاحقا)
وعلة وجود هذا
الإستثناء المنقول عن القانون المدني الفرنسي القديم ،هو أن القانون المدني
الفرنسي إستقى هذا الحكم من القانون الروماني ،إذ كان القانون الروماني يجيز للشخص
حال حياته أن يقسم ماله لأنصبة ويسمي لكل وارث نصيب ،لكنه لا يجوز لأي وارث أن
يتصرف في ذلك النصيب ولو برضا الشخص .
كما أن عبارة
(تركة إنسان على قيد الحياة)مجافية للمنطق ،إذ أن التركة لا تتحقق إلا بالوفاة.
2- أن يكون المحل
معيناً أو قابلاً للتعيين :
كيفية تعيين المحل: يختلف باختلاف محل الالتزام على النحو التالي :
أ) إذا كان الالتزام
بإعطاء شي : كنقل حق عيني على شيء وجب أن يكون هذا الشيء معيّناً أو قابلاً للتعيين ، وعليه إذا كان هذا الشيء من القيميات
(أي من الأشياء المعينة بالذات) فيجب تعيينه بجميع خصائصة و صفاته و مميزاته بحيث
يمكن التعرف عليه و لا يختلط مع غيره ، كالسيارة
فيجيب أن يعين طرازها و نوعها ، ولونها ، ومواصفاتها ،الخ.... وكالعقار لابد
أن يعين مساحته ، وموقعه وحدوده هكذا .....أما إذا كان من المثليات (و المثليات هي التي يتشابه آحادها وتقاس بالكيل أو الوزن أو
العد ،و يقوم بعضها مقام بعض في الوفاء) فيجب تعيين جنسه ونوعه على سبيل
الوجوب و إلا كان العقد باطلا ،و يجب تعيين مقداره في العقد ،إلا أن العقد لا يبطل
إذا لم يتم تحديد المقدار بشرط وجود ضابط أو مؤشر يمكن بواسطته معرفة المقدار ،و
يجب تعيين الجودة (هل الشئ من صنف أول أو
صنف ثاني أو صنف ثالث) ،إذا لم يتم تعيين الجودة فلا يبطل العقد ،بل أنه عند
التنفيذ إذا حدث خلاف بين الطرفين إلتزم المدين بأداء شيئ من الصنف المتوسط .
أي أن التعيين بالنوع و المقدار من المسائل الجوهرية ،و التعيين بالجودة من
المسائل التفصيلية .
ب) إذا كان المحل
في الالتزام بعمل أو الامتناع عن عمل : إذا كان محل الالتزام القيام بعمل
( كتعهد مقاول ببناء منزل وجب تحديد البناء ومساحته ووصفه ،وطريقة البناء و
مدة الإنجاز ) أما إذا كان الالتزام بالامتناع عن عمل (وجب تحديد طبيعته بدقة)
تعيين المحل إذا كان من النقود:
إذا كان محل الالتزام نقودا فيجب تحديد عددها و لا يلتزم المدين إلا بالعدد المذكور في العقد
،أي أنه يلتزم بالقيمة الفعلية للنقود فلا تأثير لإرتفاع قيمة النقود أو إنخفاضها على
الوفاء.
كما يتفرع عن هذه القاعدة عدم جواز شرط الذهب في المعاملات و العقود
الداخلية (بإستثناء العقود الدولية) و شرط الذهب لا يفهم منه أن المدين يوفي
بالذهب ،بل أن المدين يوفي بقيمة الشئ على أساس سعر الذهب بعد تقويمه بالذهب أثناء
الإبرام
3- أن يكون المحل
قابلاً للتعامل فيه :
ويندرج تحت شرط
القابلية للتعامل فيه ،أن يكون مشروعا ،غير مخالف للنظام العام أو الأداب العامة
بطبيعيته أو بنص القانون. وكذلك يجب أن يكون محل الإلتزام متقوم وعليه إذا كان
محل الإلتزام خنزيرا ،أو قردا ،أو كلبا ليس للصيد أو للرعي بطل العقد (وشرط :أن
يكون المحل متقوم من شروط الفقه الإسلامي و ليس القانون المدني ،إلا أنه بالرجوع
للمادة 01 من القانون المدني يجب الأخذ به )
ثانيا/الشروط الخاصة:
1-يجب أن يكون محل الإلتزام معلوما ( لا يجب الخلط بين تعيين المحل و العلم
به)
يدرس هذا الشرط تحت عنوان نظرية العلم الكافي في المبيع في عقد البيع ،وتحت الإلتزام بالإعلام في ما عداه(تفصيل ذلك
مستقبلا ،في مستويات أخرى )
2-إذا كان محل الإلتزام منتوجا يجب أن يكون آمنا(يستجيب لمستوى السلامة و
الآمان )وهذا ما نص عليه قانون حماية المستهلك 09/03 والمراسيم التطبيقيه له خاصة المرسوم
التنفيذي12/203 في 06 ماي 2012 المتعلق بالقواعد المطبقة في مجال أمن المنتوجات.
3-إذا كان محل الإلتزام منتوجا يجب أن يكون موسوما (والوسم طريقة من طرق
إعلام المستهلك أي المتعاقد بمميزات المنتوج و أوصافه الأساسية و خصائصه)
4-إذا كان محل الإلتزام منتوجا وخاضع لإلزامية المطابقة الإجبارية ،فيجب أن
يكون مطابق للمواصفات القياسية أو اللوائح الفنية .
*****ملاحظة:تفصيل الشروط الخاصة تتعرفون عليها في مستويات لاحقة.
ليست هناك تعليقات :