مساحة إعلانية

الاثنين، 22 أكتوبر 2018

النيـــابة في التعاقد ....الدكتور فريحاوي كمال

تعريف النيابة في التعاقد :
  عرفها الفقه القانوني بـ "حلول إرادة النائب محل إرادة الأصيل في إنشاء تصرف قانوني بإسم الأصيل و لحسابة
1- أنواع النيابة :
 تنقسم النيابة بحسب مصدرها إلى: نيابة قانونية، ومصدرها القانون، كنيابة الولي والفضولي والدائن الذي يستعمل حقوق مدينه في الدعوى غير المباشرة ، ونيابة اتفاقية ومصدرها الإرادة، ومثال ذلك عقد الوكالة. ولا يجب الخلط بين الوكالة والنيابة. فالنيابة هي سلطة لها مصادر عديدة. وبالتالي فهي أعم من الوكالة التي تعتبر أحد مصادرها
2-شروط النيابة :
نظم المشرع الجزائري أحكام النيابة  بالمواد من 73 إلى 77 من القانون المدني وبالرجوع إلى هذه المواد نجد أن شروط النيابة هي :
أ- حلول إرادة النائب محل إرادة الأصيل :
النيابة في الاصطلاح القانوني هي حلول إرادة النائب محل إرادة الأصيل في إنشاء تصرف قانوني. وبالتالي يجب في النيابة أن يعبر النائب عن إرادته هو لا عن إرادة الأصيل، وإن كانت آثار النيابة تسري على الأصيل، أي أن مجال الحلول هي مرحلة التعبير عن الإرادة في تبادل الإيجاب و القبول
كما ميز بعض الفقهاء بين  النيابة و التعاقد عن طريق الرسول ، حيث ذكر أن  الرسول ناقل لإرادة المرسل، وهو مجرد مبلغ بين الطرفين. في حين أن النائب يتصرف بإرادته الشخصية ولكن لحساب الأصيل. ويترتب على ذلك النتائج الآتية : تعتبر إرادة النائب، في النيابة، هي محل اعتبار بالنظر إلى عيوب الرضا، أما في التعاقد بالمراسلة فإن إرادة المرسل، وليس الرسول، هي محل اعتبار في هذه  الحال. وبالتالي لا يشترط أن يكون الرسول أهلاً للأداء، حيث يمكن أن يكون قاصراً .
والتعاقد بالرسول يعتبر تعاقداً بين غائبين ولو كان في مجلس واحد لأنه التعاقد مع المرسل لا الرسول. في حين أن التعاقد بواسطة نائب، كالوكالة، فإنه يعتبر تعاقد بين حاضرين إذا تم ذلك في مجلس واحد، أي إذا جمع مجلس العقد بين النائب وبين المتعاقد الآخر
النتائج المترتبة على حلول إرادة النائب محل إرادة الأصيل:

أ-عيوب الرضا والعلم
تنص المادة 73، فقرة1من القانون المدني الجزائري على أنه : (إذا تم العقد بطريق النيابة، كان شخص النائب لا شخص الأصيل هو محل الاعتبار عند النظر في عيوب الإرادة، أو في أثر العلم ببعض الظروف الخاصة أو افتراض العلم بها حتماً).
ويترتب على ذلك أن العبرة بإرادة النائب وعلمه بالنسبة لعيوب الإرادة لا بإرادة الأصيل.فإذا شاب إرادة النائب عيب من عيوب الإرادة، كالغلط أو التدليس أو الإكراه...، فيحق للأصيل أن يطلب بإبطال العقد رغم سلامة إرادته. وكذلك الحال إذا صدر الإكراه أو التدليس من النائب، فيجوز للطرف الآخر أن يطلب بإبطال العقد حتى لو كان الإكراه أو التدليس غير صادرين عن الأصيل.
أما بالنسبة للعلم بالظروف المصاحبة لقيام العقد ، فإن العبرة بعلم النائب وجهله بالنسبة للظروف التي يختلف فيها حكم العقد بين العلم والجهل بها. فإذا اشترى الوكيل بشراء شيء شيئاً وهو عالم بعيب قديم فيه فلا يثبت له ولا للأصيل حق ضمان العيب، ولو كان الأصيل جاهلاً بوجود ذلك العيب. ولكن لا يكون الأصيل ملزماً تجاه الوكيل بقبول الشيء المشترى إذا كان الوكيل متجاوزاً حدود وكالته،وإذا تعاقد النائب وهو حسن النية مع مدين معسر فلا يحق لدائني هذا المدين الطعن في التصرف بدعوى عدم نفاذ التصرف 
( الدعوى البوليصية) . أما إذا كان النائب سيء النية في مثل تلك  الحالة، فيحق للدائن التمسك بدعوى عدم نفاذ التصرف حتى لو كان الأصيل حسن النية. ولكن مبدأ العبرة بعلم النائب وجهله دون الأصيل ليس على إطلاقه ،حيث أنه إذا تصرف الوكيل وفقاً لتعليمات معينة  صدرت من موكله، فليس للأصيل أن يتمسك بجهل وكيله لظروف كان يعلمها هو، أو كان من المفروض حتماً أن يعلمها، فعلم الأصيل هنا معتبر ومؤثر، ولو كان الوكيل حسن النية جاهلاً بتلك الظروف المؤثرة في التصرف، كأن يعلم الأصيل بعسر الطرف الآخر ويتعاقد معه بشراء منقول ويكون الوكيل لا يعلم بالعسر لكنه تصرف طبقا لتعليمات الأصيل المتمثلة في أمر الوكيل بالتعاقد مع هذا الشخص تحديدا ،وهذا ما نصت عليه المادة 73 فقرة 2 .
ومن تطبيقات مبدأ العبرة بعلم النائب وجهله، الجهل بانقضاء النيابة بعزل الوكيل أو بموت الموكل. فإذا كان النائب يجهل انقضاء النيابة وأقدم على التعاقد مع الغير في حدود نيابته وهويجهل عزله أو وفاة الموكل ،وكان المتعاقد الآخر كذلك يجهل هاته الظروف فإن أثار العقد تضاف للأصيل.وهذا طبقا للمادة 76 مدني.
ب -  أن يتم التعاقد بإسم الأصيل و لحسابه
بما أن آثار العقد الذي يبرمه النائب في حدود نيابته مع الغير تسري على الأصيل فإنه يتوجب على النائب أن يتعاقد، من حيث المبدأ، باسم الأصيل لا باسمه.أما إذا تعاقد النائب باسمه فلا يكون هناك نيابة و يعتبر الوكيل في هذه الحالة أصيلا ،وحيث أنه إذا أبرم عقد عن طريق النيابة فإن الحقوق و الإلتزامات تضاف مباشرة للأصيل وهذا ما نصت عليه المادة 74 قانون مدني
وبصدد التعاقد بإسم الأصيل يجب على النائب أو الوكيل أنه يعلن عن صفته بأنه نائبا أو وكيلا وإلا تمت معاملته بوصفه أصيلا ،غير أن المشرع إستثنى حالتين في حالة عدم الإعلان عن صفة النائب أو الوكيل وتضاف آثار العقد للأصيل ،وهما :
إذا كان الغير يعلم أومن المفروض حتماً أن يعلم بوجود النيابة، أو إذا كان يستوي عند الطرف الآخر أن يتعامل مع الأصيل أو النائب،وهذا ما  نصت عليه المادة 75 قانون مدني
ج- عدم تجاوز النائب حدود النيابة
إن النيابة القانونية مثل الولاية فإن القانون هو الذي يحدد صلاحيات الولي في التصرف في أموال إبنه القاصر
أما إذا كانت النيابة مصدرها عقد الوكالة فإن عقد الوكالة هو الذي يحدد صلاحيات الوكيل ،لذلك فإن الوكيل إذا تجاوز حدود الوكالة فإن التجاوز لا ينفذ في حق الأصيل ،بل أن الحقوق و الإلتزامات المتعلقة بالتجاوز تبقى عالقة في ذمة الوكيل ويسأل عنها في مواجهة الطرف الآخر ،غير أن المشرع أجاز للوكيل أن يخرج عن الحدود المرسومة لوكالته إذا كان من المستحيل عليه إخطار الموكل سلفاً وكانت الظروف يغلب معها الظن بأن الموكل ما كان إلا ليوافق على ذلك التصرف وهذا طبقا للمادة 575 من القانون المدني
- إقرار الأصيل تصرف النائب الذي تجاوز حدود نيابته، وذلك لأن الإجازة اللاحقة كالوكالة السابقة. ومتى صدر الإقرار ينتج العقد أثره بالنسبة للأصيل من وقت انعقاده لا من وقت الإقرار.
د. شكــــــل الوكالة: يجب أن يتوافر في الوكالة الشكل القانوني الواجب توفرة في العمل القانوني الذي يكون محل الوكالة إلا إذا وجد نص يقضي بغير ذلك وهذا ما نصت عليه المادة 572 من القانون المدني
3- آثار النيابة :
تنشأ النيابة علاقة بين ثلاثة أشخاص وترتب آثاراً بالنسبة لهم جميعاً.
أ- بالنسبة للعلاقة بين النائب والمتعاقد:
سبق الإشارة إلى أن النائب يتعاقد بإرادته ولكن لحساب الأصيل. وبالتالي لا يرتب العقد الذي أبرمه مع الغير، في حدود نيابته، أي أثر بالنسبة له. ويترتب على ذلك أنه لا يحق للنائب أن يطالب بالحقوق التي ترتبت للأصيل، وبالمقابل لا يلتزم النائب بأي دين نشأ من ذلك العقد، لذا لا يجوز للغير مطالبة النائب شخصياً  بتنفيذ العقد. ولكن إذا أضر النائب بالغير، أثناء مباشرة نيابته، فإنه يسأل شخصياً عن ذلك الضرر استناداً إلى أحكام المسؤولية التقصيرية،كما أن الوكيل إذا تجاوز حدود الوكالة فإنه يبقى مسؤولا أمام الطرف الآخر بوصفه أصيلا و يستطيع إقامة الدعوى ضده.
ب- بالنسبة للعلاقة بين الأصيل والمتعاقد :
متى أبرم النائب العقد في حدود نيابته فإن الأصيل و الطرف الآخر يعتبران متعاقدين تنشأ بينهما علاقة تعاقدية مباشرة ،ويعتبران ذوي الصفة في تنفيذ العقد و في إقامة الدعاوى في مواجهة بعضهما.
ج – بالنسبة للعلاقة بين الأصيل والنائب :
ويحدد هذه العلاقة المصدر الذي أنشأ النيابة. ففي النيابة الاتفاقية، يحكم عقد الوكالة العلاقة بين الموكل والوكيل. وفي النيابة القانونية، يحدد القانون حدود النيابة وصلاحيات النائب وحقوقه ،ومسؤولية الوكيل في تنفيذ الوكالة تكون طبقا لمعيار الرجل العادي .
4-تعاقد الشخص مع نفسه :
منعت المادة 77 من القانون المدني  من حيث المبدأ، تعاقد الشخص مع نفسه لسد ذريعة تعارض المصالح . ولكن هذا المبدأ ترد عليه استثناءات وهي الترخيص السابق من الأصيل أو الإجازة اللاحقة أو وجود عرف تجاري  يسمح بذلك، كما عليه الحال في الوكالة بالعمولة، وسمسار الأوراق التجارية، وذلك لأنه في حرص هؤلاء على ثقة عملائهم ضمان كاف لإقرار أعمالهم.
إنتهاء النيابة:
إذا كانت النيابة مصدرها القانون كالولاية و الوصاية فإن القانون هو الذي يحدد حالات إنتهاء النيابة
مثل ما نص عليه بالمادة 91 من قانون الأسرة على حالات إنتهاء النيابة وهي:وفاة الولي أو عجزه أو الحجر عليه أو إسقاط الولاية عنه (ويعبر عنها في الأحكام الجنائية بسقوط السلطة الأبوية)
أما إذا كانت النيابة مصدرها عقد الوكالة فإن المشرع أورد حالات إنتهاء الوكالة بالمواد من 586 إلى 589 من القانون المدني و هي إجمالا:
-بإنجاز العمل القا نوني محل الوكالة
-إذا كانت الوكالة لأجل تنتهي بإنقضاء الأجل
-وفاة الموكل أو الوكيل أو الحجر عليهما
-عزل الوكيل من طرف الأصيل أو بتنازل الوكيل عن الوكالة


أسئلة للبحث في إطار العمل الشخصي:
1-ميز بين عقد الوكالة المدنية وعقد الوكالة بالعمولة و التمثيل التجــــاري؟

ليست هناك تعليقات :

جميع الحقوق محفوظة لــ: الكشاف في العلوم القانونية و القضائية 2016 © تصميم : كن مدون