مساحة إعلانية

الجمعة، 19 أكتوبر 2018

قــــراري محكمة النقض الفرنسية بقضية poussin متعلقة بالغلط

أثيرت أمام القضاء الفرنسي قضية شهيرة تعرف بإسم قضية poussin  والتي تتلخص وقائعها في أن الزوجين saint arroman قاما ببيع لوحة فنية إنتقلت لهم عن العائلة، اللوحة للفنان Nicolas poussin تم البيع بمساعدة الأستاذ Rheims  محافظ البيع بالمزايدة بباريس وقد صادق على بيان اللوحة catalogue على أنها من عمل مدرسة des carrache من طرف السيد lebel-أي أنه صادق على أن  اللوحة مقلدة للأصلية – تم البيع في 21 فيفري 1968 بمبلغ 2200 فرنك فرنسي ،ثم حولت لمتحف اللوفر louver بعد ممارسة هذا الأخير لحق الشفعة .
بعد فترة ،عرضت اللوحة بمتحف اللوفر على أنها أصلية للفنان Nicolas poussin وفي مقال موقع من Rosenberg معنون بـ:"بوسان جديد باللوفر"un nouveau poussin au louvre  منشور بمجلة متحف اللوفر.أقام الزوجان دعوى قضائية  أمام المحكمة الإبتدائية الكبرى بباريس يطلبان فيها إبطال العقد للغلط وفي 13 ديسمبر1972 صدر الحكم يقضي بإبطال العقد للغلط ،تم إلغاء الحكم من طرف مجلس إستئناف باريس الغرفة الأولى بتاريخ 02 فيفري 1976  بقرار كان محلا للطعن بالنقض أمام محكمة النقض الفرنسية حيث أصدرت قرارها الشهير بتاريخ 22 فيفري 1978 في الطعن رقم 11551-76 الذي نقض القرار الصادر عن مجلس قضاء باريس و أحال الدعوى أمام محكمة إستئناف amiens والتي أصدرت بتاريخ 01 فيفري 1982 قرارا بغرفها مجتمعة ضد الزوجين حيث رفضت دعواهما في إبطال العقد ،بحجة أنهما لم يثبتا أن اللوحة فعلا تعود للفنان Nicolas poussin هذا القرار كان هو الآخر محلا للطعن بالنقض وتم نقضه من طرف محكمة النقض الغرفة المدنية الأولى بقرارها الشهير بتاريخ 13 ديسمبر 1983 ، وأحيلت الدعوى أخيرا أمام محكمة إستئناف فرساي Versailles التي أصدرت قرارا في 07 جانفي 1987 يقضي ببطلان العقد .
وتجدر الإشارة إلى أنه بالرغم من أن محكمة إستئناف فرساي قد إستندت في الحكم بالإبطال على أساس المادة 1110 من القانون المدني الفرنسي المتعلقة بالغلط إلا أن حيثيات حكم المحكمة الإبتدائية بباريس والصادر في 13 ديسمبر1972 الملغى من محكمة إستئناف باريس والذي قضى بإبطال العقد للغلط هو كذلك يشير صراحة في حيثياته إلى مبدأ عدم المساواة في العلم و المعرفة بين المتعاقدين .
قرار محكمة النقض في 22 فيفري 1978 منشور في:

                             Bulletin des arrêts Cour de Cassation Chambre civile 1 N. 74 P. 62  
-قرار محكمة النقض في 13 ديسمبر1983 منشور في: 
Publication : Bulletin des arrêts Cour de Cassation Chambre civile 1 N. 293
  Gazette du Palais, 22 mars 1984, n° 81 82, note J.B
Jurisclasseur Périodique 1984 N° 20186, conclusions de Mr l'Avocat Général 
GULPHE. Dalloz, 21 juin 1984 p. 340, note Jean-Luc AUBERT  
Répertoire du notariat Defrénois, 1985, p. 505, note Jean CHATELAIN

السبت، 29 أبريل 2017

قرار المحكمة العليا المتعلق بإستحالة تنفيذ الوعد

لمحكمة العليا /الغرفة المدنية
رقم القرار
258113
تاريخ القرار
30/01/2002 
قضية
(ش-ع) ضد (م- د)
موضوع القرار
وعد بالبيع – التصرف في العقار الموعود به – إستحالة التنفيذ عينا – الرجوع على الواعد بالتعويض .
المبدأ : إذا تصرف الواعد في العقار الموعود به وانتقال ملكيته إلى الغير عن طريق شهر هذا التصرف في المحافظة العقارية لا يبقى للموعود له سوى دعوى الرجوع على الواعد بالتعويض استنادا لأحكام المادة 176 من القانون المدني
                         

القــــــــــرار

بين : (ش-ع) ، الساكن بحي جيني سيدار عمارة "أ" رقم 19 وادي القبة ولاية عنابة ، مدعي في الطعن بالنقض والوكيل عنه الأستاذ شنتوف عبد الرزاق المحامي المقبول لدى المحكمة العليا والكائن مقره بـ 12 شارع علي بومنجل ولاية الجزائر .
                                                                                                                                                  من جهة

وبين : (م- د- إ-ع) لولاية عنابة ، الكائن مقره بـ 05 ساحة الثورة الطابق الثاني ولاية عنابة ، مدعى عليه في الطعن بالنقض والوكيل عنه الأستاذ محمد العربي المحامي المقبول لدى المحكمة العليا والكائن مقره بـ 81 ، ساحة طارق بن زياد ولاية عنابة .
                                                                                                                                     من جهة أخرى
-----------------------------------------------------------------------------------------------------------------
المحكمة العليـا

في جلستها العلنية المنعقدة بها بشارع 11 ديسمبر 1960 ببن عكنون الأبيار ولاية الجزائر .

بعد المداولة القانونية أصدرت القرار الآتي نصه :

وبناء على المواد (231 – 233- 235 – 239 – 244 – 257 ) ومايليها   من قانون الإجراءات المدنية .

بعد الإطلاع على مجموعة أوراق ملف الدعوى وعلى عريضة الطعن بالنقض المودعة يوم 26 جويلية 2000 وعلى مذكرة الرد التي تقدم بها محامي المطعون ضده .

وبعد الإستماع   إلى السيد زودة عمر المستشار المقرر في تلاوة تقريره المكتوب وإلى السيد   لعمارة محمد الطاهر المحامي العام في تقديم طلباته المكتوبة .

حيث أن الطاعن يرمي لنقض القرار الصادر بتاريخ 05/03/2000 رقم الفهرس 283 / 2000عن مجلس قضاء عنابة القاضي بإلغاء الحكم المعاد والقضاء من جديد بعدم قبول الدعوى لسبق الفصل فيها .

في الشكــل :
    
حيث أن الطعن بالنقض قد إستوفى أوضاعه الشكلية فهو صحيح.

وفي الموضوع :

حيث تتلخص وقائع القضية ، أن المطعون ضده أبرم عقدا يتضمن وعدا بالبيع محرر بواسطة الموثق بتاريخ 11/04/1992 يلتزم فيه ببيع قطعة أرض إلى الطاعن الموجودة بالمنطقة الصناعية مبوجة لبلدية الحجار والتي تبلغ مساحتها 20.000   م م   تحمل رقم 44 من مخطط المنطقة الصناعية .

امتنع المطعون عليه عن إتمام عملية البيع ، وتبعا لذلك رفع عليه الطاعن دعوى يطلب فيها إلزامه بإتمام عملية البيع ، التي انتهت تلك الدعوى إلى صدور حكم يقضي برفضها .

وفي الإستئناف أصدر المجلس قرارا بتاريخ 28/09/1996 قضى فيه بإلغاء الحكم المعاد ، والقضاء من جديد بإلزام المطعون ضده بإتمام البيع طبقا للوعد بالبيع المشار إليه أعلاه.

وقد امتنع المطعون ضده عن تنفيذ القرار المنوه إليه أعلاه ، طبقا لما هو ثابت من المحضر المحرر يوم 10/12/1996 ، استنادا إلى أن المطعون عليه قد تصرف في تلك القطعة بموجب عقد رسمي مشهر بالمحافظة العقارية ولم يعد يملكها .

وقد امتنع أيضا عن تنفيذ ذلك القرار رغم صدور عليه أمر يقضي بإلزامه بالتنفيذ بإتمام عملية البيع عن طريق الغرامة التهديدية بحسب ألف دينار عن كل يوم تأخير فبقي مصرا عن موقفه .

مما اضطر الطاعن إلى رفع دعوى جديدة والتي يطلب فيها بإصدار حكم يقوم مقام العقد ، وانتهت تلك الدعوى إلى صدور حكم مؤرخ في 27/02/1999 القاضي بقيام هذا الحكم مقام   عقد البيع للقطعة الأرضية التي كانت محل للوعد بالبيع المؤرخ في 11/04/1992 والأمر بتسجيله وإشهاره بالمحافظة العقارية.

وفي الإستئناف أصدر المجلس قرارابتاريخ 05/03/2000 يقضي بإلغاء الحكم الصادر في 27/02/1999 وهو القرار محل الطعن بالنقض .

وحيث أن الطعن بالنقض يستند إلى وجهين :

الوجه الأول : " المأخوذ من مخالفة   قاعدة   جوهرية في الإجراءات "

حيث ينعى الطاعن على القرار المطعون فيه بدعوى أنه تحصل على قرار يقضي بإلزام المطعون عليه بإتمام عملية البيع لعقد الوعد بالبيع المنوه إليه أعلاه ، وقد امتنع المطعون ضده عن تنفيذ هذا القرار الذي أصبح يحوز على قوة الأمر المقضي به ، مما يجعل القرار المطعون فيه باطلا .

غير أن ما ينعيه الطاعن على القرار المطعون فيه في غير محله ، ذلك أن قضاة الموضوع قد انتهوا إلى إلغاء الحكم المعاد وقضوا من جديد بعدم قبول الدعوى استنادا إلى أن   موضوع   النزاع قد سبق الفصل فيه بإلزام المطعون عليه بإتمام البيع ، وقد امتنع عن تنفيذ إلتزامه عينا ، لأنه قد تصرف في الشيئ الموعود به وانتقلت ملكيته إلى الغير ولم يعد يملك هذه القطعة وتبعا لذلك لا يوجد أي خرق لقاعدة جوهرية في الإجراءات ، مما يتعين معه التصريح برفض هذا الوجه .

الوجه الثاني : " المأخوذ من مخالفة القانون   "    
      
حيث ينعى الطاعن على القرار المطعون فيه بدعوى أنه تمسك بالقرار الصادر بتاريخ 28/09/1996 والذي يقوم مقام عقد البيع ، فإن المطعون عليه قد قام ببيعه لقطعة من القطع التي أصبحت ملكا للطاعن ، مما يعد ذلك مخالفة لأحكام المادة 397 من القانون المدني ، مما يعرض القرار المطعون فيه للنقض.

وحيث أن ما ينعيه الطاعن ليس في محله ، ذلك أن الذي يربط بين الطرفين هو عقد يتضمن وعدا بالبيع.

وقد صدر قرار من المجلس يقضي بإلزام المطعون عليه بإتمام البيع ، غير أن هذا الأخير قد امتنع عن تنفيذ إلتزامه بتحرير العقد النهائي .

أن الوعد بالبيع ينشئ في ذمة الواعد إلتزاما شخصيا بتحرير عقد البيع النهائي ، ونقل ملكية العقار إلى الموعود له.

وحيث أن الملكية في العقار لا تنتقل سواء فيما بين المتعاقدين أو الغير إلا بواسطة الشهر في المحافظة العقارية، وتبعا لذلك يبقى البائع مالكا للعقار محل الوعد بالبيع، فإذا تصرف فيه إلى الغير وتم شهر عقد البيع بالمحافظة العقارية ، انتقلت الملكية إلى المتصرف إليه ، ولا يعتبر المطعون عليه ، وقد تصرف في ملك الغير بل تصرف فيما يملك.

غير أنه وفي هذه الحالة ، يحق للموعود أن يطالب الواعد بتنفيذ إلتزامه عينا بنقل ملكية العقار الموعود به وإلا عد مخلا بالتزامه الشخصي.

لكن الواعد وهو المطعون عليه ، قد تصرف في العقار الموعود به ، وانتقلت ملكيته إلى الغير عن طريق شهر هذا التصرف في المحافظة العقارية ومن ثمة يصبح الواعد في استحالة مطلقة في تنفيذ إلتزامه عينا فلا يبقى للموعود له ، أي الطاعن سوى دعوى الرجوع   على الطاعن بتعويض وفق أحكام المادة 176 من القانون المدني ، نظرا لاستحالة تنفيذ الإلتزام عينا وبالتالي فلا توجد أية مخالفة للقانون ، مما يتعين معه التصريح برفض هذا الوجه .

لهذه الأسبــاب :
    
قضت المحكمة العليـا

بصحة الطعن شكلا ، ورفضه موضوعا .

والحكم على الطاعن بالمصارف القضائية.

بذا صدر القرار ووقع التصريح به في الجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ الثلاثين من شهر جانفي سنة ألفين واثنين ميلادية من قبل المحكمة العليا الغرفة المدنية القسم الأول المتركبة من السادة :

مقراني حمادي                  الرئيس
زودة عمر                       المستشار المقرر
مكناسي بلحرثي                 المستشار
زيتوني محمد                    المستشار
زبيري فضيلة                   المستشارة

بحضور السيد
لعمارة محمد الطاهر             المحامي العام

وبمساعدة السيد  
كمال حفصة                      أمين الضبط

الأحد، 25 ديسمبر 2016

ملخص البطلان.....الدكتور فريحاوي كمال


المواد من 99  إلى 105 من القانون المدني

مقدمه
يعتبر العقد أحد أهم مصادر الإلتزام ، وهو إرتباط إيجاب وقبول بموجب مبدأي الإقتران والتطابق من أجل إنشاء إلتزام أو نقله أو تعديله أو إنهائه. 

ولما كان للعقد أركان أساسيه يقوم عليها حتى ينتج الأثر القانوني المبتغى من إبرامه ،فلا بد من وجود هذه الأركان بشروطها التي نص عليها القانون ،وكما مر معنا في دراسة العقد في مرحلة التكوين فإن العقد له أركان و شروط صحة ،فأركان العقد هي :التراضي و المحل و السبب والشكل إذا كان المشرع يشترط في عقد معين شكلا معينا (مع ملاحظة أن الشكل ليس ركنا مستقلا و قائما بذاته بل ينطوي تحت ركن التراضي وذلك أن التعبير عن الإرادة يكون باللفظ أو بالكتابة أو بالإشارة المتداولة عرفا ،والكتابة من حيث قوتها تنقسم إلى كتابة رسمية وكتابة عرفية ،ففي بعض العقود يشترط المشرع أن يكون التعبير عن الإرادة مكتوب و يحدد شكل الكتابة مثل الرسمية إذا الرسمية في جوهرها هي صورة من صور التعبير عن الإرادة التي فرضها المشرع)
أما شروط الصحة فهي:بلوغ سن الرشد المدني ،أي كمال الأهلية ،فالعقد الذي يبرمه القاصر يعتبر صحيحا لأن الإرادة موجودة بوجود التمييز إلا أنه يفتقر لشرط صحة وهي بلوغ سن الرشد وقد رتب القانون أحكاما على ذلك نوردها لاحقا في موضعها. أما شرط الصحة الثاني فهو وجوب خلو الرضا من العيوب وهي الغلط والتدليس والإكراه و الإستغلال .أما شرط الصحة الثالث فهو ولاية التصرف في محل الإلتزام مثل بيع ملك الغير فهو عقد قابل للإبطال بطلب من المشتري .
من هذه المقدمة نقرر أنه إذا تخلف ركن من أركان العقد أو أن هذا الركن يعتريه خلل في أحد شروطه كشرط التعيين في المحل فإن العقد يعتبر باطلا بطلانا مطلقا ،أما إذا تخلف شرط من شروط صحته فإن العقد يعتبر قابلا للبطلان أي البطلان النسبي عند بعض الكتاب.
مع التذكير أن المشرع الجزائري في القصر أي عدم بلوغ سن الرشد فقد جعل حكم العقد الذي يبرمه القاصر هو القابلية للإبطال وهذا في القانون المدني ،كما أورد حكما آخر في قانون الأسرة في تصرفات القاصر إذا كانت دائرة بين النفع و الضرر وهي أن العقد يعتبر موقوفا أي غير نافذ إلا بعد إجازة الولي في وقت القصر (المادة 83 أسرة)،أو إذا بلغ القاصر سن الرشد فله إجازة تصرفاته التي قام بها حال قصره.


المبحث الأول : ما هية البطلان وأنواعه
المطلب الأول : تعريف البطلان و تمييزه عن بعض النظم الأخرى
الفرع الأول :تعريف البطلان وطبيعته القانونية
البطلان هو الجزاء الذي قرره القانون عند تخلف ركن من أركان العقد ( التراضي ، المحل ، السبب ، الشكل فى العقود الشكلية ) أوشرط من شروط صحته ( الأهلية ، سلامه الارادة ) العقد الباطل هو العقد الذي لا تتوافر فيه إلا إذا استجمع أركان انعقاده من رضى ومحل وسبب للانعقاد . ويبطل العقد إذا لم يستوف شرائط صحته  وذلك مثل وجود نقص الأهلية أو عيب من عيوب الإدارة ( غلط ، تدليس ، استغلال ، إكراه ) .
ويترتب على البطلان إعتبار العقد أو التصرف القانوني غير موجود ، وأنه لم يقم منذ البداية ولا يترتب أى أثر سواء فيما بين المتعاقدين أو بالنسبه للغير
لكننا نوضح الحقيقة التالية:
إن العقد من حيث البنية هو مجموع وقائع قانونية ومادية يحتويها ويحيطها وصف قانوني ،فمثلا واقعة تسليم منقول ،وواقعة نقل ملكية هذا المنقول ،وواقعة دفع مبلغ نقدي الذي نسميه فيما بعد بالثمن ،فهذه الوقائع يحتويها ويحيط بها وصف البيع ،كما في الشكل التالي :

فبطلان العقد يعني زواله ،والسؤال هل يزول العقد بجميع مكوناته أي بوصفه ووقائعه دفعة واحدة عندما يقوم القاضي بالتصريح بالبطلان؟ للأسف نجد الكثير من رجال القانون وعلى ما وقفت عليه من أحكام القضائية بعد دراسة منطوقها تعتقد هذا أي أن التصريح بالبطلان يزيل العقد و يعدمه.لكن حقيقة نظام البطلان و سيرورته تثبت عكس هذا الإعتقاد ،فعند التصريح بالبطلان يزول وصف العقد ولا تزول الوقائع أي أن البطلان ينصب على الوصف فيعدمه و تبقى الوقائع موجود مجردة من أي وصف .السؤال الآن :كيف نتعامل مع الوقائع بعد زوال وصفها ؟ الجواب: تطبيقا لمقتضى مبدأ إستقرار المعاملات- وهو أحد المبادئ الهامة التي يقوم عليها القانون المدني – فإن القاضي إذا رأى أن الوقائع ينطبق عليها وصفا آخر ،نبه الأطراف إلى ذلك وفي حالة إتفاقهم قام القاضي بإحاطة الوقائع بالوصف الجديد الذي يستمر به العقد صحيحا.وهذا ما ندعوه تحول العقد.
في حالة عدم وجود وصف آخر للوقائع أو عدم رغبة الأطراف في الوصف الجديد فإن القاضي يقوم بإعدام الوقائع .والأداة التي تعدم الوقائع هي رد المتعاقدين للحالة التي كان عليها قبل التعاقد ،فإذا أرجع الطرف الذي تحت يده المنقول الذي كنا نسميه مبيعا تتلاشى و تنعدم واقعة التسليم ،وإذا أرجع الطرف الذي بيده المبلغ النقدي الذي كنا نسميه ثمنا تتلاشى كذلك و تنعدم واقعة دفع الثمن ،وبالتالي فإن الوقائع تكون قد زالت بعد زوال وصفها في البداية وتكون النتيجة حالة الإنعدام أي لا وجود للعقد وصفا ووقائع.
من خلال هذه السيرورة يتضح أن البطلان ليس وصفا بل هو نظام يزيل وصف العقد ،وليس جزاء لأن الجزاء يرتبط بالمسوؤلية و لا يفسر آلية البطلان و سيرورته.
إذا فالبطلان هو نظام أو نسق قانوني يعدم وصف العقد دون الوقائع التي نعاملها بتحولها إلى وصف جديد ،فإن إستحال ذلك تم إعدامها بأداة الرد .
من خلال ما تقدم  فإنه من الجانب التطبيقي وهذا المهم في الموضوع فإن منطوق الحكم القضائي الذي يصرح بالبطلان يجب أن يكون دقيقا وفنيا فمنطوق بطلان عقد بيع يكون بالصيغة التالية:
في الشكل:..............................................................................................................
في الموضوع:1-الحكم ببطلان وصف البيع للعقد المبرم بين الطرفين (وليس بطلان عقد البيع ،فهذا خطأ فني خطير )
2-إذا كان تحول الوقائع لوصف آخر ممكنا وبعد مراعاة لشرط التحول وإرادة الطرفين صرحت المحكمة بالتالي:
 -الحكم بتحول الوقائع المتخلفة عن زوال وصف البيع إلى (........و تذكر المحكمة الوصف الجديد ) ،وإلزام الطرفين بتنفيذ عقد (........ذكر الوصف الجديد) طبقا لما يقضي به القانون .
3-إذا كان التحول غير ممكن ،فإنه يتوجب إعدام الوقائع وذلك برد المتعاقدين للحالة التي كان عليها قبل التعاقد ويكون المنطوق من الناحية الفنية بالصيغة التالية :
 -الحكم برد المتعاقدين للحالة التي كانا عليها قبل التعاقد ،بإلزام (وتذكر أحد الأطراف حسب صفته في الدعوى مدعى أم مدعي عليه) برد (وتذكر الشئ الذي بحوزته دون أي وصف قانوني للشي) وإلزام الطرف الأخر برد المبلغ الذي بحوزته و المقدر بكذا دج . لاحظ أن المحكمة تقضي برد المبلغ المقدر بكذا دج ،دون وصفه قانونا ،كأن تصرح مثلا (برد الثمن أو رد بدل الإيجار) فهذا خطأ فني ،لأن مصطلح الثمن هو وصف قانوني للمبلغ النقدي في عقد بيع صحيح قائم ،وبعد بطلان وصف البيع و زواله لا يصح أن نوصف المبلغ بالثمن لأنه لم يعد هناك وصف للبيع .
الفرع الثاني :تمييز البطلان عن بعض النظم
 1-البطلان و عدم النفاذ
العقد غير النافذ هو عقد صحيح فيما بين طرفيه وينتج آثاره بينهما ، ولكنه لا ينفذ فى حق الغير ، وهو الأجنبي عن العقد ، وذلك إعمالا لمبدأ نسبية آثار العقود ، فالعقد لا يسرى فى مواجهة شخص لا يشترك فيه . معنى ذلك أن عدم النفاذ او عدم السريان يعني أن العقد الصحيح المنتج لآثاره بين طرفه لا يمكن الاحتجاج  به فى مواجهة غير عاقديه. 
مثال ذلك : إيجار ملك الغير ، فهو عقد صحيح وينتج أثره فيما بين عاقديه ، لكنه لا ينفذ فى مواجهة المالك الحقيقي . 
 جـ ) البطلان والفسخ 
الفسخ هو نظام يتعلق بمرحلة التنفيذ بموجبه ينحل العقد لعدم تنفيذ أحد الطرفين لإلتزامه  . وهو لا يكون إلا فى العقود الملزمة للجانبين ،إذا فالفسخ يتصل بالإلتزامات المتعلقة بمرحلة التنفيذ ،أما البطلان فيتصل بعناصر التكوين ، وإن كان نظام البطلان و نظام الفسخ لهما أثر رد المعاقدين للحالة التي كانا عليها قبل التعاقد إلا أن أثر الرد في البطلان يختلف عن أثر الرد في الفسخ من عدة وجوه أهمها:
1-في أثر الرد في البطلان فإن القاصر لا يرد إلا ما عاد عليه من منفعة بسبب تنفيذ العقد ،أما في أثر الرد في الفسخ فإن القاصر يرد المبلغ كاملا ولو لم يعد عليه بمنفعة .
2-في إستحالة الرد :في البطلان إن إستحال الرد حكم بتعويض معادل ،وسوف نبين ما هو التعويض المعادل في أثار البطلان ،أما في الفسخ إن إستحال الرد حكم  بتعويض قيمة الشئ وقت إبرام العقد .

المطلب الثاني  أنواع البطلان
للبطلان نوعان البطلان و الإبطال أو البطلان المطلق و البطلان النسبي ، وذلك بالنظر إلى أركان العقد من جهة وشروط صحته من جهة آخرى ، فإذا تخلف أحد أركان العقد كان البطلان مطلق وإذا تخلف شرط من شروط صحة العقد كان البطلان نسبيا . 
والعقد الباطل بطلان مطلق يعتبر غير موجود قانوناً ، فهو والعدم سواء ، لتخلف ركن أو أكثر من أركان انعقاده ، ويتم ذلك إذا انعدم الرضا ، او تخلف المحل أو كان غير مشروع ، أوكان السبب غير مشروع  ، او تخلف شكل العقد إذا اشترط القانون شكلاً لا نعقاده
والعقد الباطل بطلان نسبى يعتبر صحيح وتترتب عليه آثاره إلا أنه معيب يمكن أن يقضى ببطلانه إذا طلب من تقرر الإبطال لصالحه ذلك ، لذا يقال بأنه عقد قابل للإبطال . 
فإذا ما تقرر البطلان فا لآثار واحدة فى كل من البطلان المطلق والنسبى حيث يزول العقد فى الحالتين بأثر رجعى .
وينظر البعض حديثاً إلى البطلان النسبى من وجهة نظر مغايره هى طبيعية المصلحة محل الحماية ، فالبطلان المطلق يتقرر إذا انطوى إبرام العقد على مخالفة قاعدة تستهدف حماية النظام العام المتعلق بالعقود، ويتقرر البطلان النسبى إذا انطوى إبرام العقد على مخالفة قاعدة تستهدف مصلحه خاصه
مميزات البطلان و الإبطال:
1-العقد الباطل بطلان مطلق لا يرتب أثارا قانونية حال إنعقاده أو في المستقبل ،بمعنى لا يرتب إلتزاما يتوجب على المدين تنفيذه ،أما العقد القابل للإبطال فينشأ بداية صحيحا و يرتب جميع أثاره القانونية و يلتزم المدين بتنفيذ إلتزاماته .
2-العقد الباطل بطلان مطلق لا تلحقه الإجازة لانعدام الأثار القانونية له التي تلزم الأطراف وقد نصت المادة 102 م.ج على ذلك بقولها " ... ولا يزول البطلان بالإجازة".  ،أما العقد القابل للإبطال فتلحقه الإجازة وبها تستقر صحته .
- الإجازة:
تعريف الإجازة:
هي عمل قانوني يراد به تصحيح العقد بالتنازل عن التمسك بالعيب الذي شاب العقد  .ويتم بإرادة منفردة وتصدر من جانب من تقرر لمصلحته الإبطال  وعلى ذلك فهي لا تحتاج إلى أن يقترن بها قبول ولا يمكن الرجوع فيها على أساس أن القبول لم يصدر فبالإجازة يستقر هذا الوجود القانوني نهائيا بعد أن كان مهدد بالزوال وهي تختلف عن الإقرار الذي هو عمل قانوني يصدر من شخص أجنبي عن العقد وبه يستقر العقد، كما في حالة إقرار الأصيل للعقد الذي أبرمه نائبه خارج حدود نيابته ومثله أيضا بيع ملك الغير فلا ينفذ في مواجهة المالك الحقيقي إلا بإقراره ( المادة 397 م . ج).
أثــر الإجــازة
لما كانت الإجازة تصرفا قانونيا ، فإنها يجب أن تستوفي أركان التصرف القانوني ، فإذا انتفى ركن أو شرط يرتب نفس الجزاء الذي رأيناه سابقا بالنسبة للعقد فإن الإجازة لا ترتب أي أثر قانوني ،فالقاصر لا تكون إجازته صحيحية إلا إذا بلغ سن الرشد .وقد يكون التعبير عن الإجازة صريحا أو ضمنيا (المادة 100 ق . م)
ويتوفر التعبير الضمني إذا كان من له الحق في طلب الإبطال قد تصرف في محل الإلتزام ،كأن يبيع القاصر المنقول الذي إشتراه  ،فالتعبير الضمني يستخلص من سلوك المتعاقد يفيد نزوله عن التمسك بالإبطال سواء تجسد هذا السلوك في عمل مادي أو تصرف قانوني ويترتب على الإجازة زوال حق المتعاقد الذي شرع الإبطال لمصلحته في إقامة دعوى الإبطال ،وبالتالي يستقر العقد نهائيا بعد أن كان الإبطال يهدده.
وللإجازة أثر رجعي أي أنها تستند إلى التاريخ الذي تم فيه العقد ، دون الإخلال بحقوق الغير والمقصود بحقوق الغير هنا هم الخلف الخاص للمتعاقد ذوي المصلحة في الإبطال ، فلا تتأثر حقوقهم التي كسبوها منه على الشيء موضوع العقد قبل إجازته ، والإجازة إذا إنصبت على عيب فإن ذلك لا يمنع من طلب إبطال العقد  إذا كانت هناك عيوب أخرى ومثال ذلك إذا أبرم قاصر عقدا وكان مدلسا عليه فإن إجازته للعقد بعد بلوغه سن الرشد فيما يتصل بنقص أهليته لا يمنعه من إبطال العقد للتدليس .
3- دعوى البطلان ليست مقصورة على طرفي العقد ،بل يقيمها كل من له مصلحة في الدعوى ،كما أن المحكمة تستطيع أن تقضي بالبطلان من تلقاء نفسها ولوكان موضوع الدعوى لا يتعلق بالبطلان ولم يثيره الخصوم،بينما دعوى الإبطال لا يقيمها إلا من شرع البطلان لصالحه بنص القانون ولا تثيره المحكمة من تلقاء نفسها.
4-تتقادم دعوى البطلان بمضي خمسة عشر سنة تسري المدة من تاريخ العقد طبقا للمادة 102 من القانون المدني ،ومعنى تقادم دعوى البطلان أي تقادم طلب البطلان ،ذلك أن في الدعوى يوجد الطلب ويقابله الدفع ،فالبطلان يتعلق بالطلب وليس الدفع بالبطلان فهذا الأخير لا يتقادم تطبيقا لقاعدة أبدية الدفوع.
أما التقادم في دعوى الإبطال فقد نص المشرع الجزائري بالمادة 101 من القانون المدني على أن طلب الإبطال يتقادم إذا لم يتمسك به صاحبه خلال خمس سنوات ،ويبدأ سريان هذه المدة في حالة نقص الأهلية من يوم زوال سبب نقص الأهلية ،وفي حالة الغلط أو التدليس من يوم اكتشافهما وفي حالة الإكراه من يوم إنقطاع الخطر. غير أنه في جميع الأحوال لا يجوز التمسك بالإبطال بعد عشر سنوات من تاريخ إبرام العقد .
فمثلا إذا لم يكتشف التدليس ومرت عشر سنوات على إبرام العقد فإن دعوى الإبطال لا تقبل ،ومثلا إذا تم إكتشاف التدليس في السنة الثامنة من تاريخ إبرام العقد فإنه تبقى مدة سنتين فقط لإقامة دعوى الإبطال،لأن الثلاث سنوات الباقية من الخمسة تعتبر خارجة وتعدت مجال العشر سنوات.
يلاحظ أن المشرع الجزائري في المادة 101 المتعلقة بالإبطال و المادة 102 المتعلقة بالبطلان إستعمل مصطلح السقوط وليس التقادم فوردت الصياغة بـ( يسقط...) ،مما يوحي أن المدد بالمادتين هي مدة سقوط وليس مدة تقادم ،لكنه بالرجوع لنص المادتين باللغة الفرنسية نجدة إستعمل مصطلح التقادم فوردت صياغة النصين باللغة الفرنسية بـ(prescrit ).وكما هو معلوم لدى رجال القانون فإنه يوجد فرق بين مدة السقوط و مدة التقادم يتجلى هذا الفرق في مسألة جوهرية هي أن مدة التقادم تخضع للوقف والقطع بينما مدة السقوط تخضع للوقف فقط ولا تخضع للقطع ،والسؤال هل يطبق القاضي النص العربي لأن اللغة العربية هي اللغة الرسمية أم يفسر النص العربي حسب مقتضيات النص بالفرنسية الراجح يقع تفسير النص العربي ويقع تقويمه بإعتبار أن المدة هي مدة تقادم و ليست مدة سقوط هذا إذا كان النص باللغة العربية يخالف المبادئ القانونية ،أما إذا حدث وكان النص باللغة العربية لا يتطابق مع النص باللغة الفرنسية والنص باللغة العربية لا يخالف المبادئ القانونية فيجب الوقوف عند صياغة النص العربي ولا يفسر ويطبق النص العربي ولا يلتفت للنص باللغة الفرنسية مثل ما ورد بالمادة 97 من القانون المدني المتعلقة بالسبب فقد نص المشرع على أنه إذا إلتزام المتعاقد لسبب غير مشروع أو سبب مخالف للنظام العام أو للأداب كان العقد باطلا.
من خلال نص المادة 97 باللغة العربية إستعمل شرط وحيد في السبب و هو يجب أن لا يكون مخالف للنظام العام و الأداب العامة ،ويستخلص من هذا أن مفهوم السبب بالمادة 97 مدني هو الباعث والدافع للتعاقد أي سبب العقد عند فقهاء القانون المدني حسب النظرية الحديثة في مفهوم السبب .في حين أن نص المادة 97 باللغة الفرنسية ورد بالصيغة الآتية :(le contrat est nul lorsqu’on s’oblige sans cause ou pour une cause contraire à l’ordre public ou aux bonnes mœurs   ) .يلاحظ أن النص باللغة الفرنسية إشترط شرطين في السبب هما الوجود والمشروعية ،وهو متطابق مع القانون المدني المصري ،وحيث أن مفهوم السبب بالمادة 97 باللغة الفرنسية هو سبب الإلتزام طبقا لأصول النظرية التقليدية في السبب .
وحيث أن النص باللغة العربية لا يخالف المبادئ القانونية ،بل أن النص باللغة العربية هو الراجح فلا يمكن أن نعتد بالنص باللغة الفرنسية رغم إختلافه عن النص باللغة العربية وإعتباره من الناحية الواقعية هو الأصل .
 المبحث الثاني : آثار البطلان
المطلب الأول : آثار البطلان فيما بين المتعاقدين 

يترتب على بطلان العقد عدم جواز المطالبة بتنفيذه ، وزواله بأثر رجعي بإعادة  المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل التعاقد ،هذا إذا لم يفضل المتعاقدان  تحوله إلى وصف آخر.
 
أ ) عدم جواز المطالبة بالتنفيذ : 
يترتب على بطلان العقد زواله ، ولا تتولد عنه الآثار المقصودة من إبرامه فإذا كان العقد الذي تقرر بطلانه  لم ينفذ من الطرفين ، فلا يجوز لأي منهما أن يطالب الآخر بتنفيذ إلتزاماته التي يرتبها العقد فيما لو كان صحيحاً ، فإذا طالب أحد العاقدين بشيء من ذلك كان للطرف الآخر أن يدفع هذه المطالبة بالبطلان ،هذه المسألة تتعلق بالبطلان المطلق ،أما إذا كان العقد قابلا للإبطال وقبل تقرير الإبطال و مطالبة المتعاقد للطرف الذي تقرر الإبطال لصالحه ،فلا يجوز هذا الأخير أن يدفع بالإبطال و لا ينفذ العقد ،و سبب ذلك أن العقد القابل للإبطال ينشأ صحيحا حتى يتقرر إبطاله في المستقبل ،لذلك فالعقد القابل للإبطال يجرى تنفيذه ،يمكن للطرف الذي تقرر الإبطال لصالحه -قبل مطالبة المتعاقد الآخر التنفيذ-أن يرفع دعوى إبطال و إذا طالبه بالتنفيذ أثناء سير الدعوى و قبل الحكم بالإبطال أن يرفع دعوى وقف التنفيذ لغاية صدور الحكم في دعوى الإبطال.
ب ) الإلتزام بالرد . 
يترتب على صدور حكم بإبطال العقد أو ببطلانه زواله بأثر رجعى . أي يبطل العقد بأثر رجعى ويعتبر كأن لم يكن. فالحكم القضائي يكون كاشفاً للبطلان و منشئا للإبطال ،ويعني الأثر الرجعى عودة المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل العقد . ويلتزم كل منها بأن يرد للآخر ما حصل عليه بموجب العقد الذي تم إبطاله ويستوي في ذلك العقد الباطل و العقد القابل للإبطال . 
ويكون ذلك في حالة ما إذا تم تنفيذ العقد الباطل كلياً أو جزئياً من أحد الطرفين أو منهما معاً ثم يتقرر البطلان بعد ذلك ففي هذه الحالة يتعين إعمال الأثر الرجعى للبطلان ، بإعادة المتعاقدين للحالة التي كانا عليها قبل التعاقد . فإذا تم  تنفيذ عقد بيع باطل وجب رد الشئ الذي كان يوصف بالمبيع  للبائع ورد المبلغ الذي كان يوصف بالثمن للمشتري . 
وأساس الإلتزام بالرد هو الدفع غير المستحق في المحل النقدي ،والحيازة في الشئ. و من  المقرر أن استرداد غير المستحق إذا كان الوفاء قد تم تنفيذاً لالتزام لم يتحقق سببه أو لالتزام زال سببه بعد أن تحقق ، ونتيجة للأثر الرجعى لبطلان العقد أو لإبطاله يعتبر كل متعاقد أخذ ما أعطاه إليه المتعاقد الآخر من غير أن يكون له حق فيه ، ومن ثم يلتزم برده إليه.
ولفهم المسألة أكثر ، مثلا تم إبطال عقد بيع سيارة وتم تنفيذ هذا العقد قبل تقرير الإبطال ،فالسؤال المطروح ما هو الوصف القانوني للمبلغ النقدي في يد الطرف الذي كان يسمى بائعا،وما هو الوصف القانوني لوضع يد الطرف الذي كان يسمى مشتري على السيارة.
إن المبلغ النقدي الذي كان يوصف بأنه ثمن بعد الإبطال لا يجب وصفه بالثمن ،بل يوصف أنه دفع غير مستحق و يرده الطرف تنفيذا لقواعد الدفع غير المستحق،أما السيارة فتعتبر في حيازة الطرف الذي كان يسمى مشتري ،لأن اليد إما يد ملك أو يد حيازة أو يد ضمان .
 جـ ) نطاق الإلتزام بالرد . 
إن قاعدة الإلتزام بالرد ليست مطلقة بل ترد عليها بعض القيود التي ترجع لاعتبارات الواقع واستقرار المعاملات ومراعاة بعض المصالح الجديرة بالحماية .
أولأ : الأصل أن يكون الرد عيناً بحيث يرد كل متعاقد للآخر ما حصل عليه بموجب العقد ، إلا إنه قد يتعذر على المتعاقد ، أحياناً ، رد عين ما حصل عليه ، كما إذا كان الشئ قد هلك أو تلف بخطأ من الحائز،حكم عليه بدفع تعويض معادل لقيمة الشيء وقت الهلاك  ،و لا لا يعتبر هذا التعويض من قبيل الثمن ولا يخضع لأحكامه ، وإنما يخضع لأحكام التعويض وحدها . أما إذا كان الهلاك بقوة قاهرة ،فكما هو مقرر في القواعد العامة  أن القوة القاهرة معفية من المسؤولية ،فلا شيء على الحائز
و يوجد رأي يذهب  إلى أن التعويض المعادل يكون بين الأداءات ،لأنه في الهلاك أو الإستحالة ،وإذا قيمنا الشيء بقيمته وقت الهلاك أو وقت نشوء سبب الإستحالة في الرد فإن ذلك يؤدي إلى الإجحاف بحق أحد الأطراف ،لأن قيمة الشيء لا تبقى ثابتة من إبرام العقد الباطل حتى الهلاك أو نشوء سبب إستحالة الرد فالقيمة قد ترتفع و قد تنخفض وبمقتضى عدم ثبات القيمة فيتضرر أحد الأطراف ،لذلك فعبارة  "معا دل"تنصرف للتعادل بين الأداءات.تحقيقا للعدالة ،فالتوازن كما يكون في العقد الصحيح ،فإنه يكون كذلك في العقد الباطل
ثانيا: إذا ترتب علي تنفيذ العقد الباطل انتقال حيازة شئ إلى أحد الطرفين ، فيتعين حمايته إذا كان حسن النية أي لا يعلم بسبب البطلان وتتمثل الحماية فى عدة وجوه : 
- يعامل معاملة الحائز حسن النية فيما يتعلق بالثمار فهو يلتزم برد الشئ الذي تسلمه ويحتفظ لنفسه بالثمار سواء استهلكها أم لا . ويلتزم برد الفوائد والثمرات من يوم رفع دعوى البطلان . 
-يعامل المتعاقد معاملة الحائز الذي يلتزم برد ما يحوزه وذلك بالنسبة للمصروفات التي قد يكون أنفقها على الشئ  . 
-إذا كان المتعاقد الحائز حسن النية فلا يلتزم بدفع أي تعويض مقابل الانتفاع بالشئ الذي يلتزم برده إلى الطرف الآخر . ومن ثم لا محل لأي تعويض معادل عن الاستهلاك في الفترة ما بين تسلم الشئ وإبطال العقد .  
ثالثا : يستحيل إعمال الأثر الرجعى للبطلان عيناً في العقود الزمنية ، مثل عقد الإيجار وعقد العمل ، حيث يستحيل ماديا إزالة بعض الآثار التي ترتبت عليها في الماضي ، فلا يمكن رد المنفعة التي حصل عليها المستأجر أو رد العمل الذي أداه العامل هنا يلتزم المستأجر بأن يدفع تعويضا عن الانتفاع الذي حصل عليه ، ويتم تقدير هذا التعويض ، في الغالب ، بمقدار الأجرة ، لكنه لا يعد أجرة ، ولا تضمنه ضمانات الأجرة ، فلا يكفله امتياز المؤجر ، ولا يتقادم بمدة الأجرة . ويلتزم صاحب العمل بأن يرد للعامل تعويضا معادلا لما أداه من عمل وبذل من جهد . يقدر القاضي غالبا ، هذا التعويض يما يعادل ما كان يستحقه العامل من أجر ، إلا أن ذلك التعويض لا يعد أجرا ولا يخضع لأحكامه  .
رابعا : إذا تم إبطال العقد بسبب نقص الأهلية ، فإن المتعاقد ناقص الأهلية يلتزم فقط برد ما عاد عليه من منفعة بسبب العقد . وتقرر هذا المبدأ لحماية ناقصي الأهلية واستثناهم المشرع من قاعدة الإلتزام بالرد . فناقص الأهلية لا يلتزم برد ما حصل عليه بموجب العقد الباطل إلا في حدود ما عاد عليه من منفعة ماديه كانت أو معنوية . فإذا باع القاصر عقارا وقبض ثمنه وأنفق أغلبه في اللهو وأنفق جزءا يسيرا منه في ضروريات الحياة ، فهو لا يلتزم ، في حالة إبطال العقد ، إلا برد هذا اليسير من الثمن للمشتري . 

خامساً : لا يجوز رد الملوث .فلا يجوز لمن وفى بالتزام مخالف للآداب العامة أو النظام العام  أن يسترد ما دفعه إلا إذا كان هو فى التزامه لم يخالف الآداب . بمعنى ذلك إن حق المطالبة بالرد قاصر على الطرف الذي لم يخالف الآداب . فمستأجر الأرض لزراعتها مخدرات لا يجوز له استرداد مبلغ الإيجار الذي دفعه ،لكن يسترد المؤجر أرضه الزراعية  . 
المطلب الثاني : أثر البطلان بالنسبة للغير
الغير هو كل شخص إكتسب حقا يتصل بمحل الإلتزام في العقد المراد إبطاله مثل الخلف الخاص و دائني المتعاقدين ،مثل المشتري هو خلف خاص للبائع ،والسؤال المطروح هل يتأثر حق المشتري ببطلان عقد البيع المبرم بين البائع والمتعاقد الآخر (البائع الأول).
1-إن الخلف الخاص لا يتأثر بالبطلان متى كان حسن النية ،وبصدد عقد البيع نميز في مجال حسن النية بين العقار والمنقولات الأخرى التي لا تتطلب الشهر العقاري.
بالنسبة لبيع العقار فلقد أوجب المشرع الشهر حتى تنتقل الملكية ،ودعوى البطلان لعقد بيع تم شهره يستوجب شهر عريضة إفتتاح الدعوى طبق للمادة 85 من المرسوم 76/63 المؤرخ في 25/03/1976 المتعلق بتأسيس السجل العقاري،وعليه فإن حسن نية الخلف الخاص تتحدد بتاريخ إبرام العقد قبل شهر العريضة أو بعد شهر العريضة
فلو أن (أ) باع عقارلـ(ب) ،ثم باع ب العقار لـ(ج) ،ثم رفعت دعوى بطلان عقد البيع بين أ و ب وتم إبطال العقد ،فإن وضع ج يكون كالآتي:إذا كان عقد البيع المبرم بين ب و (ج) كان قبل شهر عريضة دعوى البطلان فإن حق ج لا يتأثر ،بسبب أنه لا يعلم بالبطلان و بأسبابه .أما إذا كان عقد البيع المبرم بين ب و ج كان بعد شهر العريضة فإن حق ج يتأثر ويسترد ب العقار من ج ليرده بدوره لـ (أ).
بالنسبة لبيع المنقول والمحال الأخرى التي لا تتطلب الشهر فإن سوء النية يجب إثباته ،وذلك بإثبات أن الخلف الخاص كان يعلم بدعوى البطلان بين الطرفين و رغم ذلك أقدم على إبرام العقد ،ومسألة العلم  واقعة مادية ثبت بجميع طرق الإثبات.
2- لم يكتف المشرع بالمبدأ السابق بل أورد تطبيقاً خاصاً له بالنسبة للدائن المرتهن رهناً رسمياً إذا كان حسن النية . (فيبقى قائماً لمصلحة الدائن المرتهن الرهن الصادر من المالك الذي تقرر إبطال سند ملكيته أو فسخه أو زواله لأي سبب آخر ، إذا كان هذا الدائن حسن النية في الوقت الذي أبرم فيه الرهن ).المادة 885 مدني. فإذا رهن محمد الأرض التي اشتراها لأحمد ثم تقرر بطلان العقد الذي اشترى به ، فإن الرهن يبقى قائماً طالما تم شهره قبل تسجيل صحيفة دعوى البطلان وكان أحمد حسن النية لا يعلم بسبب البطلان . ويترتب على البطلان أن البائع يسترد الأرض من محمد إلا أنها تظل مثقلة بالرهن لصالح أحمد ، ويلتزم محمد بتعويض البائع عما يصيبه من ضرر بسبب وجود هذا الرهن . 
3- عقود الإدارة : بالنسبة لأعمال الإدارة الصادرة من المالك الذي تقرر إبطال سند ملكيته ، تضل قائمة لصالح من تعامل معه إذا كان حسن النية . فإذا كسب الغير حقاً يتعلق بالشئ الذي ورد عليه العقد الباطل ، وذلك بمقتضى عقد من عقود الإدارة ، فإن هذا الحق يبقى بالرغم من البطلان . فلو اشترى شخص شقة بعقد قابل للإبطال ثم أجرها ، فإن إبطال العقد لا يؤدي إلى زوال الإيجار ، حيث يظل قائماً لصالح المستأجر ، ويسترد البائع العين  محملة بحق الإيجار المادة 669 فقرة3 مدني  . 
ويشترط لبقاء عقود الإدارة بالرغم من البطلان ألا تكون مشوبة بعيب من جانب من أبرمها ، وأن يكون الغير حسن النية ، وأن تكون ثابتة التاريخ قبل دعوى البطلان فيشترط لبقاء عقد الإيجار مثلاً أن يكون بشروط مألوفة كأجرة المثل والمدة المعقولة ، وأن يكون ثابت التاريخ قبل دعوى البطلان ، وأن يكون المستأجر حسن النية ، أي يجهل ما يشوب سند المتصرف من أسباب البطلان . 
4- الاعتداد بالأوضاع الظاهرة( الواقعية ): حرص المشرع على حماية الغير حسن النية الذي يرتكن إلى وضع ظاهر واقعي  من نتائج بطلان العقود .فالوضع الظاهر عند بطلان العقد لا يمنع من وجوده كواقعة مادية قد توهم بوجوده القانوني ، ويتولد عن ذلك مظهر يوهم بأن العقد صحيح ، ويكون الشخص العادي معذورا في اعتقاده بصحة العقد وتعامله مع ذلك الوضع ، هنا ينبغي حماية تلك الثقة المشروعة تشجيعاً للائتمان العام . ومن أمثلة الحالات التي احترم فيها المشرع تلك الثقة . 
-الشركة الفعلية : اشترط القانون أن يكون عقد الشركة بعقد رسمي وإلا كان باطلا ، لكنه يجوز للغير إثبات وجود الشركة بجميع الوسائل حتى في غياب العقد الرسمي .المادة 545 تجاري .وفي هذه الحالة إذا تم إثبات شركة التضامن من الغير ،إعتبر الشركاء متضامنون في الوفاء بالديون للغير        
المبحث الثالث :أثار العقد بالنسبة للوقائع
تتطرقنا في البداية أن البطلان يطال الوصف و تبقى الوقائع مجردة دون وصف ،فإن أمكن تحولها لوصف آخر بعد رضا الطرفين ،كان ذلك ،وإن لم نتمكن من تحويلها فإننا نقوم بإعدام الوقائع بأداة رد المتعاقدين للحالة التي كان عليها قبل التعاقد ،بالنسبة للرد تمت مناقشته سلفا ،وفي هذا المبحث نتطرق لتحول العقد ،ومعاملة الخطأ عند تكوين العقد ،هل تؤسس دعوى التعويض على أساس المسوؤلية التقصيرية أم العقدية .
المطلب الأول: تحول العقد
المقصود بتحول العقد .
إذا كان هناك تصرف باطل ، ويتضمن عناصر تصرف آخر صحيح ، هنا يتحول التصرف الباطل إلى هذا التصرف الصحيح ، إذا تبين إن إرادة المتعاقدين كانت تنصرف إلى إبرام هذا العقد ، وبعبارة آخرى إذا لحق العقد البطلان أو الإبطال ، وتبين إن هذا العقد يتضمن عناصر عقد آخر صحيح لم يقصده المتعاقدان ، هنا يقوم هذا العقد الجديد بالوصف الجديد على أنقاض العقد الباطل ، أي أن العقد الباطل يتحول إلى عقد صحيح لكن بوصف و تكييف جديدين .مثال ذلك :بطلان السفتجة التي لا تستوفي شروطها الشكلية حيث تتحول إلى سند لأمر أو لسند دين عادي ، وإذا تم إبطال القسمة التي ترد على التمليك بسبب نقص أهلية أحد الشركاء ، فان هذه القسمة تتحول إلى قسمة مهايئة ، أي قسمة انتفاع إذا كان المتقاسم ناقص الأهلية مأذونا له في الإدارة ، وبطلان عقد الإنتفاع الوارد على عقار لتخلف الرسمية يتحول لعقد عارية .والواقع إن التحول وسيلة فنية تستهدف الإبقاء على الرابطة العقدية الباطلة في ثوب جديد مختلف عن العقد المقصود أصلا ، فالتحول يرد على وصف العقد أو تكييفه وطبيعته
- يلزم لتحول العقد توافر الشروط الثلاثة الآتية : - 
بطلان التصرف الأصلي : يجب أن يكون التصرف باطلا أو قابلا للإبطال ثم يقضي ببطلانه فالتحول لا يرد على العقد الصحيح ، فإذا كان التصرف صحيحا فلا يجوز أن يتحول إلى تصرف آخر ولو تضمن أركانه ، حتى لو تبين ان العاقدين كانا يفضلانه على العقد الأصلي لو تبينا حقيقة امره ، فالهبه الصحيحة لا تتحول الى وصية حتى لو تضمنت فى نفس الوقت شروط الوصية ، ولو تبين ان المتعاقدين يفضلان الوصية على الهبه.
ويجب ان ينصب البطلان على كل العقد او على شق منه لا يقبل الانفصال عن جملة التصرف ، فإذا كان من الممكن فصل الشق الباطل دون تغيير طبيعة العقد فإنه يتم إنتقاص العقد اي اعمال البطلان الجزئي وليس التحول.
ب )-تضمن التصرف الأصلي لجميع عناصر تصرف آخر : يجب ان يشتمل التصرف الأصلي على جميع العناصر اللازمة لقيام التصرف الآخر . فوقائع التصرف الباطل تشكل عقد آخر صحيح .
ولا يجوز إجراء التحول إذا كان العقد الجديد يقتضي ادخال عنصر خارجي غير موجود بالعقد الأصلي ، فالعقد الباطل يجب ان يتضمن جميع عناصر التصرف الآخر الذي يتحول اليه أي أنه يجب عدم إضافة واقعة أو إنقاص واقعة من الوقائع المتخلفة بعد بطلان العقد بزوال وصفه .
ج )-ويشترط فى التحول  إتجاه نية المتعاقدين المحتلمة إلى التصرف الجديد : لا يتم التحول إلا إذا قام الدليل على أن نية المتعاقدين كانت تنصرف إلى الارتباط بالعقد الجديد لو تبينا ما بالعقد الاصلى من أسباب البطلان . 
وليس المقصود هنا الإرادة  الحقيقة لأن هذه الإرادة انصرفت فى واقع الأمر إلى العقد الأصلى الباطل . ولكن يكفي هنا الإرادة المحتملة أى نية الطرفين الاحتمالية ، أى أنه يكفي مجرد احتمال هذا الرضا ، فالقاضى يستخلص من ظروف الحال أنه كان من المحتمل رضا الطرفين بالعقد الجديد إذ كان التصرف الجديد محققاً للغاية العملية التى يهدف إليها المتعاقدان . 
والتعرف على هذه الإرادة الاحتمالية يعد من مسائل الواقع التى يقوم بتقديرها قاضى الموضوع ولا معقب عليه فى ذلك من قضاء النقض، متى أقام قضاءه على أسباب سائغة . 
المطلب الثاني :الخطأ عند تكوين العقد
قد يحدث أن يرتكب أحد الطرفين لخطأ أثناء إبرام العقد ينتج عنه ضرر يستوجب التعويض ،وأن هذا الخطأ يؤدي بالعقد للبطلان أو الإبطال ،مثل خطأ الإحتيال في التدليس و السؤال المطروح هل أن دعوى التعويض تؤسس على المسوؤلية التقصيرية أم المسوؤلية العقدية .
الأمر بسيط، إذا تمسك المتعاقد بالإبطال و طالب بالتعويض ،فهنا بعد تقرير البطلان يزول وصف العقد و تعدم الوقائع بالرد ،ولا تبقى إلا واقعة واحدة هي الخطأ فهنا التعويض يؤسس على المسوؤلية التقصيرية ، أما إذا فضل المتعاقد الإبقاء على العقد أي لم يطلب البطلان بل طالب فقط بالتعويض فهنا التعويض يؤسس على امسوؤلية العقدية ،وذلك أن العقد لا يزال قائما.
وقد كان قديما يؤسس التعويض على المسوؤلية العقدية حتى في حالة بطلان العقد إستنادا إلى نظرية الخطأ عندتكوين العقد التي مفادها أنه إلى جانب كل عقد مبرم فإنه يوجد عقد ضمان ضمني يتعهد به كل طرف أنه لا يقوم بأي خطأ عند تكوين العقد أو أن يأتي ما يوجب بطلان العقد ،فإن قام المتعاقد بخطأ أثناء التكوين فإنه يعتبر قد أخل بهذا العقد الضمني و تنهض أحكام المسوؤلية العقدية لجبر الضرر .وتعود هذه النظرية للفقيه الألماني Rudolf von Jhering
المبحث الرابع:إنتقاص العقد وتصحيحه
هناك حالات يقتصر سبب البطلان فيها على جزء من العقد دون إن يصيب كل العقد ، إي إن مخالفة القانون لا تشمل العقد بأكمله بل تنحصر في شق أو شرط منه ، هنا يلجأ المشرع إلى أحد أسلوبين : - 
أولا : البطلان الجزئي أو إنتقاص العقد ، حيث يتم إستبعاد الجزء الباطل ، ويظل الباقي صحيح باعتباره عقد مستقل ويتحقق ذلك في الغرض الذي لا يكون العقد فيها باطلا بأكمله ، وإنما يكون باطلا أو قابلا للبطلان في جزء منه وصحيح في الجزء الآخر .
الثاني : تصحيح البطلان ، حيث يتم إبطال الشرط و البند  المخالف للقانون في العقد وتصحيحه بما يتفق مع الحكم الآمر الذي نص عليه المشرع.
المطلب الأول : البطلان الجزئي أو الانتقاص .(المادة 104 مدني)
إذا كان العقد في شق منه باطلا أو قابلا للإبطال ، فهذا الشق وحده هو الذي يبطل إلا إذا تبين أن العقد ما كان ليتم بغير الشق الذي وقع باطلا ، أو قابلا للإبطال فيبطل العقد كله ..
يعبر هذا النص  عن فكره البطلان الجزئي أو إنتقاص العقد ، فإذا تضمن التصرف أو العقد شقا أو شرط غير مشروع ، فإن ذلك الجزء هو الذي يبطل ويظل الباقي منه صحيح ويرتب آثاره .
والهدف من ذلك هو الرغبة في إنقاذ العقد وتفادي البطلان الكلي بقدر الإمكان تحقيق لمبدأ إستقرار المعاملات .
 يشترط لأعمال تلك النظرية شرطان.
أولا : قابلية العقد أو التصرف للتجزئة : 
يشترط لإبطال العقد في شق منه مع بقائه قائم في باقي أجزائه . أن يكون المحل مما يقبل القسمة أو الانقسام بطبيعته ومعنى ذلك إذا كان محل العقد لا يقبل الانقسام بطبيعته فانه يترتب على بطلان جزء منه بطلان للعقد بأكمله .
يتضح مما سبق أنه يشترط لإعمال نظرية البطلان الجزئي إن يكون الجزء المتبقي من العقد قابلا للوجود المستقل عن الشق الذي وقع باطلا، فيجب إن تتوافر فيه العناصر القانونية الأساسية اللازمة لوجوده ويجب ألا يترتب على إستبعاد الجزء الباطل حدوث تغيير في وصف و تكييف العقد ، فإذا حدث مثل هذا التغيير نكون بصدد تحول العقد..
ثانيا : عدم تعارض الإنقاص مع إرادة المتعاقدين :
يقوم البطلان الجزئي على أساس تفسير إرادة المتعاقدين بمعنى عدم وجود مانع لديهما من الإبقاء على الجزء الصحيح في العقد ،أي أن انتقاص العقد مشروطا بألا يتعارض مع قصد الطرفين ، حتى لا يتعارض مع مبدأ حرية التعاقد ، فإذا تبين أن أحد المتعاقدين لم يكن ليرضي بإبرام العقد بغير الشق المعيب إمتد البطلان إلى العقد بأكمله ..
ويتحقق ذلك في الحالات التي يكون الشق الباطل هو الباعث الدافع إلى التعاقد ولا يشترط أن يكون الشق الباطل دافعا لكل من المتعاقدين ، بل يكفي أن يتضح أن أحد  العاقدين ما كان ليقبل العقد بغير الشق المعيب ، فإذا تبين أن  الجزء أو الشرط الباطل هو الباعث الدافع لأحد المتعاقدين فإن العقد يبطل بكامله بشرط أن يكون في إمكان المتعاقد الآخر إدراك ذلك .وهذا إعمالا لمبدأ الثقة المشروعة كأساس لمقتضيات استقرار المعاملات. 
ويجب على القاضي أن يتحرى إرادة الأطراف ليتبين عما إذا كان سيتم إبرام العقد لو لم يوجد الشق الباطل ، والإرادة المقصودة هي الإرادة المحتملة لأنه في الغالب لا يدور بذهن المتعاقدين توقع البطلان ، فإذا تبين علم الأطراف ساعة إبرام العقد ببطلان شق أو شرط منه كان قرينه على ارتضاء البطلان الجزئي..
ويقع عبء الإثبات  على من يتمسك ببطلان العقد بأكمله ، فإذا تبين للقاضي إن سبب البطلان قاصر على شرط أو شق منه فإن على القاضي إن يعمل أحكام البطلان الجزئي .
المطلب الثاني: تصحيح البطلان أو تصحيح العقد 
يضع المشرع ، أحيانا ، بعض القواعد القانونية التي تتعلق بالنظام العام الحمائي ويرمي هذا النظام إلى توفير الحماية لبعض الفئات الضعيفة التي يقتضى مركزها الاقتصادي غير المتوازن مع الطرف الآخر وضع شروط وضمانات معينة تكفل حمايتها ، مثل العامل والمستأجر ، فإذا تم إبرام العقد مخالفا لتلك الضمانات والشروط تعرض للبطلان ، ولكن البطلان هنا يقتصر على الأجزاء المخالفة ، وتحل النصوص الآمرة محل الشروط الباطلة ، ومن ثم يتم تصحيح العقد واستبقائه ، ولا يجوز الإبطال الكلي للعقد لان ذلك يؤدي إلى تفويت المصلحة المقصودة من العقد وإضرارا بالطرف الضعيف. 
فإذا تم إبرام عقد عمل باجر يقل عن الحد الأدنى الذي فرضه المشرع ، هنا يتم إبطال بند الاتفاق على تحديد الأجرة ، والبطلان هنا مطلق لتعلق الأمر بالنظام العام الحمائي ، ويظل عقد العمل صحيحا قائما بشرط تصحيح ذلك الشق بما يتفق مع أحكام القانون ، أي رفع الأجر إلى القدر الذي يتماشى وصحيح القانون وكذلك الحال إذا تضمن عقد إيجار شروطا مخالفة للنصوص الآمرة التي قررها المشرع ، هنا يتم تصحيح العقد بما يتفق وصحيح القانون  وكذلك عقد التأمين و البيع بشرط الذهب إلخ...
يتضح مما سبق أن تصحيح العقد يختلف عن الانتقاص أو البطلان الجزئي من عدة وجوه : - 
1
يقتصر البطلان الجزئي على إستبعاد الشق الباطل مع بقاء الشق الآخر صحيحا ، أما تصحيح العقد فيتم عن طريق التعديل إي استبدال الشروط الباطلة بشروط صحيحة متفقة مع نصوص القانون وليس مجرد الإنقاص ، هذا بالإضافة إلى إعادة ما تم دفعه مخالفا للقاعدة الآمرة التي وضعها المشرع . 
2. يشترط لإعمال البطلان الجزئي ألا يكون متعارضا مع قصد أي من المتعاقدين ،أما التصحيح فيقع بقوة القانون دون النظر إلى ما كانت ستتجه إليه إرادة المتعاقدين ، ويجب على القاضي إجراء التصحيح حتى لو تبين أن المتعاقد ما كان ليبرم العقد بغير الشق أو الشرط الذي وقع باطلا وتم تعديله ..

                                                        






























جميع الحقوق محفوظة لــ: الكشاف في العلوم القانونية و القضائية 2016 © تصميم : كن مدون